تماما؟ أو أنها دكاكين مصطفة تنفتح على شبكة من السكك المسقفة هي أيضا ، وهو الأمر الذي ينطبق على السوق الإسلامية المعهودة المقتبسة فعلا من سوق الكوفة؟ والملاحظ في هذا الموضوع أن ما ذكره اليعقوبي ينبغي اعتباره وكأنه إضافة ، إذ إن خالدا أقطع دارا وأروقة قامت بدور النقطة المركزية بالنسبة لكل صناعة ، فضلا عن الدكاكين : فكانت مكانا للصنع والتخزين ، ودارا للصناعة ونواة للقيصرية. إن الأمر واضح بالنسبة لدار الوليد بن عقبة (١) إذ قيل إنها كانت في سوق القصارين المليء بأصوات المقصات وإنها كانت دارا للقاصرين (٢) أي ملكهم الخاص.
ولا نعلم إلا القليل عن طوبوغرافية هذه الأسواق التي تفرعت إلى سكك متخصصة ، يوجد بقبلة (جنوب) الجامع ، الوراقون ، والمتوقع أنها كانت مهنة متأخرة لم يرد ذكرها بالنسبة للعصر الأموي. وفي الشمال حيث المكان الذي احتله الجامع الأول وبمركز المساحة المركزية ، نجد التّمارين (تجار التمر) وأصحاب الصابون (٣) الذي تخصصت الكوفة في صنعه (٤). ويضيف ماسينيون قائلا : «وإذن البقالون» (٥) ، لكن ينبغي أن نفهم من ذلك أن المقصودين هم تجار الفواكه الجافة التي كانت بضاعة شريفة. ولا شك أن القصارين بدار الوليد كانوا يقيمون بأقصى الشرق أو الغرب ، والعكس بالنسبة للقلائين. فقد ورد ذكرهم كعلامات تحدد الأسواق ، حيث كانت العلامتان الأخريان هما مركّب القصر والمسجد في الغرب وخطة أشجع وثقيف في الشمال (٦). ولا شك أن أصحاب الأنماط (صناع السجاد) كانوا غير بعيدين من المسجد ، وكذلك أصحاب الخزّ (الحرير) (٧). ولا يمكن تحديد أماكن الحرف الأخرى : السواقون (٨) ، والخلالون (٩) ، والسراجون (١٠) ، والصاغة (١١) ، والزياتون (١٢) ، والحنّاطون (١٣) ، (والأغلب أنهم كانوا من تجار الأطياب العطور
__________________
(١) الطبري ، ج ٤ ، ص ٥٣٢ وج ٦ ، ص ٨٩.
(٢) ابن سعد ، الطبقات ، ص ٢٤.
(٣) الطبري ، ج ٤ ، ص ٤٤.
(٤) الزبيدي ، ص ٢٠٦.
(٥) Massignon ,p.٠٥.
(٦) كتاب البلدان ، ص ٣١١.
(٧) الطبقات ، ج ٦ ، ص ١٣٩ ؛ وابن الفقيه ، ص ٢٥٢.
(٨) Massignon ,p.٠٥.
(٩) الوفيات ، ج ١ ، ص ٤٤٥.
(١٠) Massignon ,p.٠٥. ، وقد اعتمد الخاصبي.
(١١) الزبيدي ، ص ١٦٢.
(١٢) أنساب الأشراف ، ج ٥ ، ص ٢٦٢.
(١٣) الطبري ، ج ٦ ، ص ٢٢٦.