الأسباب فكرة تعمير المركز بواسطة البنايات الادارية ، وإلا كان ساحة شاسعة خالية أو يكاد. إن هرزفلد يقدر قطر المدينة المدورة ب ٢٦٨٠ مترا (١) : لكن تصعب الموافقة على هذا الرقم لأنه يزيد من الاختلال بين المركز والحزام السكني الذي كان عمقه هو عمق الطاقات فعلا (٥٣٨ ذراعا ـ ما يقرب من ٢٩٠ مترا ، وهناك زيادة طفيفة بإضافة الطاقات الصغرى) (٢). ويقترب عمق مركّبات المداخل المنتهية حيث تبدأ الرحبة من ٧٠٠ ذراع (ـ ٣٧٠ مترا) إذا جمعنا العناصر المكونة لها (٣). الأمر الذي يجعل قطر المركز يتجاوز ألفي متر ، وهو رقم لا يمكن الموافقة عليه ، كما لا يمكن قبول التقدير القصير (حيث يساوي القطر الكامل ٦٠٠ متر) (٤) ، مما يضفي مصداقية على رقم الميل الواحد (كيلومتران) الذي ذكرته المصادر (٥). وحتى في هذه الصورة يبقى المركز أعظم من مركز الكوفة ، لكن التخطيط لمثل هذه البنية سابق الوجود في واسط. وفي بغداد بالذات وقع التعويض عن نحافة الحزام السكني بالقذف بأرباض السكنى خارج المدينة ، ولئن كانت منطقة السكنى مشلولة نسبيا فإنها حافظت على تصور الحاضرة الكاملة وكانت امتدادا في بنية الأمصار السابقة. من كان يقيم فيها؟ نجد بها قادة الجيش وموالي المنصور ، ولم يقم فيها ال ٤٠٠٠ من حرس المداخل ،
__________________
(١) Archaeologische Reise ,II ,pp.٨٠١ ff ، وهو يعتمد في ذلك اليعقوبي في كتاب البلدان. ص ٢٣٨ ، حيث ذكر قطرا يساوي ٤٥٠٠ ذراع سوداء ، ابتداء من خارج الأبواب.
(٢) الرقم الوحيد المتوفر لدينا هو ما يذكره الخطيب البغدادي ، مرجع مذكور ، ص ٧٦. لقد خص الطاقات بطول يساوي ٢٠٠ ذراع أي ١٠٨ من الأمتار ، لكن هذا الطول يقف عند الرحبة التي تفتح على الطاقات الصغرى والتي ليست الرحبة المركزية ، إلا أن هرزفلد (op.cit.,p.٩٢١) وكرسويل (op.cit.,p.٦١) ، لم يوافقا على هذا الرقم مقترحين ٥٣٨ ذراعا : ٢٩٠ مترا ، عملا بالأقيسة المحتملة للحجرات. هذا رقم يجانب الصواب ، وإلا فإن الحزام السكني يتقلص بصورة تبعث على السخرية. أما عن الطاقات الصغرى ، فنجهل كل شيء بشأنها. وكان لاسنر محقا حين خصها بوجود حقيقي. ويكون الفضاء التكميلي الموجود بين الطاقات الكبرى والرحبة الكبرى يساوي ١٠٠ ذراع على الأقل ، عملا بالتصميم الذي تصوره ص ٢١٣. ويمكن ضرب هذا الرقم على اثنين أو ثلاثة حسب عدد الطاقات الصغرى كما جرى تصوره. ويتميز افتراض لاسنر بأنه يزيد من سمك المساحة العادية المخصصة للإقامة ومن واقعها. وبما أن هذه المساحة زاد عمقها ، فهي تؤيد فكرة المدينة المندمجة المتنوعة.
(٣) الخطيب ، ص ٧٤ ؛.Lassner ,p.٠٠٢ ;Creswell ,II ,p.٣١
(٤) يرى صالح العلي ، بحث مذكور ص ٩٣ ، أن ألف ذراع تعادل ٦٠٠ متر ، وهو خطأ لأن الذراع العباسية السوداء المستخدمة في هذا الصدد ، تعادل ٥٤ سنتيمترا. راجع :.Hinz ,op.cit.,pp.٥٥ ,١٦ ولا نفهم كذلك كيف اعتمد لاسنر في حساباته الذراع الشرعية وهي تقدر ب ٨٧٥ ، ٤٩ سنتيمترا :.Lassner ,op.cit.,p.٩٠٢ هذا ولا نجد عند الخطيب البغدادي التقدير الموافق لألف ذراع ، الذي اقترحه العلي ، مع أن الخطيب يورد أربعة تقديرات هي ٦٠٠ ذراع من باب الشام إلى باب البصرة ، و ٨٠٠ ذراع من باب خراسان إلى باب الكوفة ، ص ٧١ ، وميل واحد ، ص ٧١ ، و ٢٢٠٠ ذراع ، انظر ص ٧٣.
(٥) الخطيب ، ص ٧١ ؛ ووافقه هرزفلد (op.cit.,p.١٢) وكريسويل (op.cit.,p.٠١) في ذلك.