ـ ٧ ـ
بنية المجال الداخلي :
المدار المركزي
يورد سيف بالذات تفاصيل ممتازة عن المخطط المدني الأولي الذي ستتقيد به بنية الحاضرة المقبلة وطوبوغرافيتها. يتشكل مجال الكوفة الأولى من عناصر ثلاثة : مساحة مركزية كبرى سياسية ودينية تشمل المسجد والقصر ، وهي عبارة عن مكان القيادة وتجمّع الناس ، ثم تأتي الخطط القبلية للسكن ، وهي تشع انطلاقا من هذه النواة المحددة من أعلى قسرا ، والمحصورة ، والمرسومة بمثابة المجال المقدس ، ثالثا : هناك عنصر للفصل والمرور في آن ، وهي المناهج التي تمكن من تفريد الخطط القبلية وجمع المقاتلة في أسرع وقت داخل المجال المركزي الكبير. ومن المناسب قطعا أن نتساءل عن أصل هذا التصور ودلالته أيضا. لكن ينبغي قبل ذلك تقرير وجوده وواقعه تقريرا حازما. ذلك أن سيفا خلف لنا نصا صعبا ، كثيرا ما أسيئت قراءته ووقع التسرع في استيعابه.
المجال المركزي :
وعلى هذا فإن قراءة مستعجلة أدت (١) وتؤدي إلى حملنا على الظن أن هناك تخطيطا أولا للمسجد أنجز برمي السهام ، وأن شوارع مستقيمة انطلقت من المسجد ، وأن هذه الشوارع كانت بمثابة صفوف للخيام (٢) ، بمعنى أنها كانت الخطط القبلية ذاتها.
أما القصر ، فلعله كان يقع (من ذا الذي حدد موقعه؟ كيف؟) إلى الجنوب الشرقي من المسجد. وقد ذهب الأمر بكرسويل Creswell إلى أن استنتج أن رمية السهم تساوي ما
__________________
(١) Creswell, Early Muslim Architecture, I, pp. ٨١ ff.; Welhausen, Skizzen, VI, p. ٥٥١ ، وبحثه» Architecture «في.E.١ / ٢ وقد جاراه الجنابي في رأيه دون نقاش : مرجع مذكور ، ص ١٢٤ ـ ١٢٧ ، أو ناقشه بالأحرى نقاشا متضاربا. يرى هذا المؤلف أنه لا وجود لفتحات أربع جنوب المسجد ، حيث أن علم الحفريات لم يؤكد سوى فتحة واحدة. لكنه استمر يعتقد أنها فتحات بجدران المسجد. ونقل (ص ١٢٨) رسما لفكري به فتحة في الشمال ، وأخرى في الجنوب ، وثلاث فتحات في الشرق والغرب ، فكان مجرد تصحيح لرسم كرسويل.
(٢) Massignon ، انظر ما سبق.