كما هي الحال عند مصبّي نهري الكلب وبيروت. وبالنسبة للتاريخ المدوّن ، فإنّ أوّل من تحدّث عن البترون من المؤرّخين القدماء سنكنيتن الذي اعتبرها مجرّد حصن للمراقبة. أمّا مينندر اليونانيّ ويوسيفوس اليهوديّ ، فقد اعتبرا أنّ باني البترون هو ملك صور في القرن العاشر قبل الميلاد ، على أيام نبوخدنصّر ملك بابل ، وجعلها حصنا منيعا لحماية حدود مملكته على شاطئ البحر. بينما استنتج باحثون محدثون أنّ البترون بنيت على يد الكاهن أيتوبعل الثاني عام ٨١٤ ق. م. وباعتقاد باحثين محدثين كالبستاني ورستم وغيرهما ، أنّها من أقدم المدن الفينيقيّة ، إذ تمكّنت ، مع تطوّر الزمن ، من أن تستقطب إليها ، إثر الضربات التي أصابت صور وصيدا ، كثرة من الفينيقيّين الذين وجدوا فيها الأمان والسلام. ويقول البستاني ورستم أنّهما وجدا إسمها لأوّل مرة في أخبار الحروب بعد إسم المدينة المثلّثة أو المدن الثلاث أي طرابلس ، فيكون ظهورها معاصرا لظهور مدينة طرابلس وذلك قبل روما وأنطاكية وبعلبك وحلب. ويعتقد لاكويان أنّ البترون كانت معاصرة لإيليّا النبيّ وإن كانت أحدث عهدا من جبيل وبيروت. ويعتقد أنّ هجمات الأشوريّين هي من الأسباب الأساسيّة التي أسهمت في إمتداد البترون وصيرورتها مدينة كبرى ، ذلك أنّ الجاليات الفينيقيّة قد تجمّعت فيها لتتمكّن من المرابطة في وادي نهر الجوز لردّ الهجمات الأشوريّة. وقد اكتسب مرفأ البترون أهميّة كبرى في الحقبة الفينيقيّة ، ويقول ديودورس الصقلي إنّ هذا المرفأ كان مركزا مهمّا لصناعة السفن من خشب الأرز المقطوع من الغابات القريبة ، وكان ينقل إلى الميناء على ظهور الدواب. وقد جاء أنّه في العام ٣١٥ ق. م. بنى بحّارة البترون أسطولا لأنطوخيوس الصقلّي. ومن شأن سور البترون المنحوت في الصخر والذي لا مثيل له بين آثار العالم القديم ، أن ينبئ عن أنّ هذه المدينة كانت من أهم المدن الفينيقيّة. وقد وردت لمحة طويلة عنها في دائرة