وعلى هذا للقرآن ظاهر وباطن او ظهر وبطن ، وكلا المعنيين يرادان من الآيات الكريمة ، الا انهما واقعان في الطول لا في العرض ، فان ارادة الظاهر لا تنفي ارادة الباطن وارادة الباطن لا تزاحم ارادة الظاهر.
١ ـ الإنسان في حياته البدائية القصيرة الدنيوية يشبه الحباب (١) الذي يعلو الماء ، اذ ركز اوتاد خباء وجوده في مياه بحر المادية ، وكل ما يقوم به من المساعي والجهود اعطيت ازمتها بيد ذلك البحر المادي الهائج.
اشتغلت حواسه الظاهرية والباطنية بالمادة ، وافكاره انما تتبع معلوماته الحسية. فان الاكل والشرب والجلوس والقيام والتكلم والاستماع والذهاب والاياب والحركة والسكون وكل ما يقوم به الإنسان من الاعمال والافعال وضعت اسسها على المادة ولا يفكر الا فيها.
وما نرى منه في بعض الاحيان من الاثار المعنوية ـ كالحب والعداء وعلو الهمة ورفعة المقام وامثالها ـ انما يدركها بعض الافهام لانها تجسم مصاديق مادية ، فان الإنسان يقيس
ــــــــــــــــــ
(١) الحباب بفتح الحاء : الفقاقيع التي تعلو الماء.