يخطب في الكنيسة ، وفيما كان على المنبر دخلت بيلاجيا المشهورة بخلاعتها واصغت إلى أقواله وطلبت المعموديّة ، فاستأذن المطران نونا رئيسه البطريرك ألأنطاكيّ وعمّدها ، ثمّ وزّع ثروتها الوافرة على المساكين ونصح لها فانطلقت إلى أورشليم حيث قضت حياتها في أحد الأديار وتوفيت برائحة القداسة. وبعد تحويل كنيسة بعلبك الكبرى إلى مسجد أصبح هذا الجامع محطّة علميّة كبيرة ومدرسة دينيّة علّم فيها الشيخ نمر الزنكي ، وتخرّج منها صلاح الدين الأيّوبي ، وكان آخر من جدّده السلطان الملوكي محمّد بن قلاوون. وفي القرن الرابع عشر دمّر المسجد زلزال كبير ضرب لبنان آنذاك ، وتوفّي فيه الشيخ محمّد علي الحريري وطلّابه وأصبح المسجد مهملا مهجورا ، وأطلق عليه اسم الجامع الخربان. وقامت مؤخّرا مديريّة الآثار بأعمال ترميم وتنقيب عن الآثار في داخله حيث وجد بعض القطع الأثريّة ومنقوشات قديمة من عهود عدّة ، وقواعد للأعمدة ، وخمسة قبور بعضها لأطفال تمّ نقل رفاتها إلى مدافن بعلبك قرب مسجد المقاصد ، كما عثر على نوافذ وأبواب صغيرة كانت مطمورة. وجاءت عمليّة الترميم هذه بهدف إظهار معالم المسجد وإعادته نسبيّا إلى الشكل الذي كان عليه سابقا ، وسقفه بالقرميد وتجهيزه. وقد استحدثت أعمال التّرميم عددا من التّيجان والقناطر تحاكي زميلاتها القديمة ، لكنّها لا تضاهيها لجهة النّحت الدقيق لحجارة الغرانيت الذي تولّاه القدامى. أمّا أعمدة المسجد فتحاكي نظيراتها في الجامع الأموي الدمشقي. ومع انتهاء أعمال الترميم استعاد المسجد دوره الروحي وأقيمت فيه الصلاة للمرّة الأولى بعد ٨٠٠ عام بمناسبة عيد الأضحى ١٩٩٩.
مسجد الإمام علي.