بكاسين أواخر القرن العاشر بامر من الفاطميّين. وبعد احتلال المماليك لبكاسين رحل قسم كبير من سكّانها إلى منطقتي كسروان والبترون. ولمّا ملكها الشيعة أصحاب جزّين مع القضاء حوالي ١٧٥٠ كانت مزرعة صغيرة أنشأوا لهم فيها دورا وجرّوا إليها الماء من عين البساتين في أقنية تحت الأرض ثم نقلوا مركزها إلى منطقة ضهر الخربة" الكروم". ولكنّهم أخلوا هذا المكان لبعد الماء عنه. ونقلوا البناء أخيرا إلى المكان الذي تقوم عليه البلدة حاليّا. وفي عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني دخل المسيحيّون إقليم جزّين ، وقد وهب الأمير بكاسين سنة ١٦١٠ إلى أربعة مسيحيّين من لحفد يمتّون بصلة القربى لمدبّره الحاج كيوان نعمة ضو الماروني ، فكانوا لحكمه خير معين في هذه البقعة ، ومن ذراريهم يتألّف معظم مجتمع بكاسين المعاصر. وذكر مؤرّخون أنّ بكاسين قد أصبحت بعد ذلك بمثابة قفير نحل تنطلق منه ملكة جديدة في كلّ عام لتبني لها مملكة جديدة في الجوار أو لتنضمّ إلى تجمّعات سكّانيّة قائمة.
لم تكتف بكاسين بهذا" الطرد السكّاني" إلى الجوار ، فقد سافر من أهاليها الكثيرون إلى بلدان الانتشار على أثر المعركة التي حدثت بين البكاسينيّين والجزّينيّين يوم جنّاز أبي سمرا غانم عام ١٨٩٥ ، وكان أوّل المهاجرين منها إسكندر الخوري مارون. وكان المطران عبد الله البستاني يلقّبها بقرية اللاويّين نظرا لكثرة الكهنة الذين أنجبتهن. ولأنّ أهل بكاسين كانوا يتعلّمون القراءة والكتابة منذ الصغر في اللغتين العربيّة والسريانيّة ، ويوم كانت لا تزال تنقسم إلى أحياء ، كان لكلّ حيّ معلّم خاصّ ، وربّما لهذا السبب كان جيران بكاسين يطلقون على" عين الضيعة" فيها نعت" عين الذكاء".
وكانت نكبات السنين ١٨٤٠ و ١٩١٤ و ١٩٤٠ وزلزال ١٩٥٦ شديدة الوطأة على الآثار الأدبيّة البكاسينيّة ، بحيث أنّنا نسمع بكتب الأدباء