ولمّا وليت الملك ضاربت دونه |
|
وأسندته لا تأتلي خير مسند |
جعلت هشاما والوليد ذخيرة |
|
وليّين للعهد الوثيق المؤكّد |
قال : فنظر إليهما عبد الملك متبسّما ، والتفت إلى سليمان فقال : أخرجك إسماعيل من هذا الأمر. فقطب سليمان ونظر إلى إسماعيل نظر مغضب. فقال إسماعيل : يا أمير المؤمنين ، إنما وزن الشعر أخرجه من البيت الأوّل ، وقد قلت بعده :
وأمضيت عزما في سليمان راشدا |
|
ومن يعتصم بالله مثلك يرشد |
فأمر له بألفي درهم صلة ، وزاد في عطائه ، وفرض له ، وقال لولده : أعطوه ؛ فأعطوه ثلاثة آلاف درهم.
دخل إسماعيل بن يسار يوما على هشام بن عبد الملك في خلافته وهو بالرّصافة (١) جالس على بركة له في قصره ، فاستنشده وهو يرى أنه ينشد مديحا له ؛ فأنشده قصيدته التي يفختر فيها بالعجم :
يا ربع رامة (٢) بالعلياء من ريم (٣) |
|
هل ترجعنّ إذا حيّيت تسليمي |
ما بال حيّ غدت بزل (٤) المطيّ بهم |
|
تخدي (٥) لغربتهم سيرا بتقحيم |
كأنّني يوم ساروا شارب سلبت |
|
فؤاده قهوة من خمر داروم (٦) |
حتّى انتهى إلى قوله :
إنّي وجدّك ما عودي بذي خور |
|
عند الحفاظ ولا حوضي بمهدوم |
أصلي كريم ومجدي لا يقاس به |
|
ولي لسان كحدّ السّيف مسموم (٧) |
__________________
(١) الرصافة : في مواضع كثيرة منها رصافة هشام بن عبد الملك في غربي الرقة بينهما أربعة فراسخ على طرف البرية (معجم البلدان ٣ / ٤٧).
(٢) رامة : منزل بينه وبين الرمادة ليلة في طريق البصرة إلى مكة ، وهي آخر بلاد بني تميم. وقيل : رامة : هضبة ، وقيل : جبل لبني دارم (معجم البلدان ٣ / ١٨).
(٣) ريم قيل بالياء بدون همز ، وقيل رئم مهموز ، وفيها بكسر أوله ، وهو واد لمزينة قرب المدينة يصب فيه ورقان ، وقيل : بطن ريم على ثلاثين ميلا من المدينة. (معجم البلدان ٣ / ١١٤).
(٤) البزل جمع بزول ، يقال : بزل البعير إذا طلع نابه ، ويكون ذلك في سنته الثامنة أو التاسعة (راجع تاج العروس : بزل).
(٥) وخدي البعير : أسرع وزج بقوائمه.
(٦) خمر داروم : داروم قلعة بعد غزة إلى الطريق إلى مصر ، تنسب إليها الخمر الجيدة.
(٧) في البيت إقواء.