على أنّ موقع بيروت لم يكن دائما في مكان واحد ، فإنّ عوامل الطبيعة والظروف الديمو غرافيّة والعسكريّة كانت أحيانا تنقل بيروت من موقع إلى آخر. فهناك بيروت العتيقة التي كان موقعها حيث تقوم بلدة بيت مري اليوم. ولا يزال بين الأيدي سندات تمليك عقاريّة تحمل اسم بيروت العتيقة يرجع تاريخها إلى القرن التاسع عشر عند ما كانت البلاد جزءا من السلطنة العثمانيّة. وبيروت العتيقة هذه ما تزال تحتفظ بالمعبد الوثنيّ بعل مرقود في موقع دير القلعة الذي كان بيتا لإله بيروت أيّام الفنيقيّين. وهذا المعبد كان يسمّى آنذاك" بعل بيريت" وهو اليوم أنقاض.
وهناك بيروت القديمة التي كان موقعها مكان محلّة رأس بيروت الحاليّة. وكانت هذه المدينة منفصلة تماما عن بيروت داخل السور التي صنّفت اليوم باسم" وسط المدينة" أو" المنطقة الخضراء".
وهناك بيروت التي كانت تقوم في محلّة خلدة التي انتقل إليها سكّان بيروت وبنوا فيها مساكنهم على أثر الزلازل التي خرّبت مدينتهم الأصليّة في أواسط القرن السادس للميلاد ، وكذلك على أثر تدميرها من قبل تريفون السلوقي سنة ١٤٠ ق. م.
وهناك أيضا" بيروت القديمة" التي كانت مساكن البيروتيّين فيها قبل شقّ شوارعها إبّان الحرب العالميّة الأولى ١٩١٤ ـ ١٩١٨ ، وانتقالهم إلى خارج السور حيث الضواحي التي أصبحت جزءا متكاملا مع بيروت القديمة.
كما أنّ النموّ السكّانيّ لمدينة بيروت مع توالي السنين جعل المدينة تتجاوز حدودها التقليديّة من سنة إلى أخرى ، بحيث تضمّ إليها ضواحيها السابقة. ويمكن القول بأنّ بيروت الحاليّة باتت تشغل جميع المساحات التي كانت معروفة بالضواحي ، وهي التي عرفت في القرن التاسع عشر بأسماء