مصر بعد نقل الأخشاب إليها ، وهنالك نظريّة تقول بأنّ جزيرة أرواد كانت أساسا تابعة لجبيل ، لا بل ملكا لها ، وأنّها كانت ميناء مستعملا لصناعة السفن الجبيليّة كما يدلّ اسمها المركّب من ثلاثة مقاطع جبيليّة قديمة ، بالإمكان كتابتها : AR ـ WA ـ DE أي : معمل ـ السفن التجاريّة ـ مكان ، أي مكان صنع السفن التجارية.
يبدو أنّ العلاقات الجبيليّة ـ المصريّة قد عرفت تواصلا إنسانيّا وديّا وحضاريّا مميّزا ونادرا في تلك الحقبة من التاريخ ، فقد دلّت حفريّات جبيل على وجود معبد للآلهة المصريّة" إيسيس" إلى جانب معبد البعلة ، حتّى غدت الآلهتان على مرّ الزمن إلهة واحدة. وقد دلّت اكتشافات الحقبة الجبيليّة السادسة (٢٥٠٠ ـ ٢١٥٠ ق. م.) على أنّ الجبيليّين كانوا آنذاك قد بنوا هيكلا للبعلة ، يفوق بحجمه وأهميّته الهيكلين اللذين سبقاه ، وقد أغرق الفراعنة هذا الهيكل بنذوراتهم الممهورة بأسمائهم بالحرف الهيروغليفي. وأضاف الجبيليّون إلى صادراتهم الدببة التي كانوا يأسرونها في جبال لبنان وكان المصريّون يشترونها لأهداف ترفيهيّة ، وإلى مستورداتهم الشمع والحبال. وسوف يتّضح لاحقا أنّ بعلة جبيل التي بنى لها الجبيليّ هيكلا في ذلك العصر الذي يسبق دخول الكنعانيّين إلى المنطقة ، كما يسبق إطلاق إسم الفينيقيّين على سكّانها ، هي عشتروت ، وهكذا يظهر بوضوح أن الجبيليّين الأوائل من أبناء العرق المتوسّطيّ هم الذين أوجدوا عبادة أدونيس وعشتروت التي ستصبح في ما بعد ما يمكن تسميته يومذاك : ديانة عالميّة. وكانت الهياكل والقصور قد عرفت تطوّرا جديدا في بنائها ، فأصبحت تبنى حول باحة في الوسط مكشوفة السقف ، بينما تقوم الأبنية الداخليّة على أعمدة من الجانبين ، وكان المدخل الرئيسيّ مبنيّا بشكل قنطرة يدخل منها إلى قاعة