كبرى تنفتح من جهاتها الثلاث على عدد كبير من الغرف ، وكان يحجب المذبح داخل القاعة الكبرى في الهيكل ستارة ، وأصبحت حجارة البناء أكبر حجما حتّى بلغ بعضها المترين طولا ، ودرج آنذاك تهذيب الحجر بشكله الذي لا يزال مستعملا حتّى اليوم ومعروفا بال" مبوّز" ، أي أنّ الحجر يكون منحوت الجوانب دون واجهته التي تبقى نافرة. ومن جبيل انتقل هذا الطراز إلى قصور العبرانيّين وهياكلهم بما في ذلك هيكل سليمان.
وسط هذا التقدّم الحضاريّ الرائع ، من الواضح تماما أن الجبيليّ كان في نهاية الألف الثالث ق. م. يتوجّس خيفة من خطر داهم ، وقد دلّت الأثريّات المكتشفة العائدة إلى حوالى ٢١٥٠ ق. م. على أن الجبيليين راحوا آنذاك يحصّنون المدينة بترميم الأسوار والقلاع القديمة المحيطة بها وتدعيمها ، وببناء أخرى إضافيّة ، وهذا ما من شأنه أن يفيد عن ملامح هجوم محتمل لغاز ما ، وسوف يصدق التوقّع ، وتدفع جبيل ضريبة الإزدهار خرابا ودمارا ودخول شعب جديد عليها ، ربّما ليندمج مع الأهالي الأصليّين أو ليبيدهم ويحلّ محلّهم.
العصر الكنعانيّ
دلّت الأبحاث التاريخيّة على أن أقدم الساميّين الذين دخلوا لبنان ، كانوا العموريّين والكنعانيّين الذين ينتمون إلى أصل واحد ساميّ بدويّ ، كان موطنهم في شمالي الجزيرة العربيّة بعدما ارتحلوا إليه من خليج العجم. وفي حوالى ٢٢٠٠ ق. م. زحفت تلك القبائل إلى بقعة الهلال الخصيب بشكل يشبه الإجتياح. قبل ذلك التاريخ كانت جماعات قليلة منهم ترد المنطقة طلبا للمرعى وللرزق دون أن تشكّل خطرا حقيقيّا ، ولكن في هذه الموجة الإجتياحيّة انتشرت الجموع العموريّة في السهول الشرقيّة وفي شرق الأردنّ