أخرى من الكتابة المعقّدة ، منها الكتابة المقطعيّة التي وضعت على مثال الكتابة الهيروغليفيّة المصريّة ، أي المؤلّفة من رموز أو صور يشير الرمز فيها إلى مقطع لا إلى هجاء واحد ، وقد وجدت نقوش في جبيل سنة ١٩٣٠ مكتوبة بهذا النظام ، وهي من أقدم النماذج اللغويّة للسان الكنعانيّ ، ويعود زمن وضعها إلى حوالى ١٣٧٥ ق. م. ، ثمّ استعيض عن هذا النظام المقطعيّ بالكتابة البابليّة المسماريّة ، وهي الكتابة التي خطّت بها رسائل تل العمارنة.
كذلك ظهرت في فلسطين في أواخر الألف الثاني ق. م. عدّة محاولات للكتابة هجائيّا ، ولكن في الألف الأخيرة قبل المسيح اختفت جميع هذه الأنظمة الكتابيّة وتنوسي أمرها وبقيت الحروف الهجائيّة الجبيليّة وحدها في الميدان ، لا ينازعها في مكانتها منازع. وإنّ أقدم نقش فينيقيّ تامّ سهل الفهم مكتوب بالهجاء الكنعانيّ ، هو نقش يتألّف من خمسة أسطر محفور على حجر كلسيّ عثر عليه MAURICE DUNAND المستشرق الفرنسيّ في قلعة جبيل القديمة ، وفي هذا النقش إشارة إلى بناء سور أقامه شافاط ـ بعل ، بن إبلي ـ بعل ، بن يهي ـ ملك ، وهؤلاء جميعا كانوا من ملوك جبيل. وقد ردّ الباحثون تاريخ هذا النقش إلى القرن السابع عشر ق. م. ، إلّا أنّ بعض المؤرّخين اعتبر أن هذا التقدير" عال" ، وأنّ تاريخ النقش إنّما يعود إلى زمن أقرب إلينا. غير أنّهم جميعا سلّموا بأنّ الحروف الهجائيّة التي كتب بها هذا النقش القديم تبدو بأشكال تدلّ على أنّها أقدم عهدا من الحروف التي خطّ بها نقش الملك أحير ام الشهير ، الذي عثر عليه المستشرق الفرنسيّ مونته PIERRE MONTET سنة ١٩٢٣ في جبيل ، والذي يعود عهده إلى القرن الحادي عشر ق. م. ، وهناك نقش يعود لملك جبيليّ آخر بالحروف الفينيقيّة وجد على نصب للفرعون أوزركون يعود زمنه إلى حوالى ٩٠٠ ق. م.