كانو قد زخرفوا بالعاج القصر الذي وجد في مجدو ، والذي يعود تاريخه إلى القرن الثاني عشر قبل الميلاد. وتدلّ النماذج المكتشفة على أنّ الفينيقيّين قد برعوا في زخرفة العاج بشكل ينمّ عن الدقّة والذوق الرفيع ، وتعدّ العاديّات من هذه القطع من أثمن العاديّات الشرقيّة وأنفسها.
وكانت طقوس العبادة الفينيقيّة تشمل الغناء والموسيقى ، وإنّ جبيل التي سوف تتبوّأ المركز الدينيّ الأهمّ بين سائر المدن الفينيقيّة أعارت الموسيقى والغناء اهتماما خاصّا ، ويذكر الباحثون أن ألحان الفينيقيّين وأدوات موسيقاهم قد انتشرت في جميع بقاع المتوسّط. وأنّ أسماء أدوات الموسيقى في اللغة المصريّة القديمة تعود في أصلها إلى كلمات ساميّة. وكما اقتبس المصريّون الموسيقى عن الفينيقيّ ـ الكنعانيّ ، كذلك فعل العبرانيّون والإغريق ، وعندما رقص داود أمام تابوت العهد إنّما كان يقوم برقصة كان يمارسها الفينيقيّون في عبادة أدونيس في جبيل. وقد بلغ الفينيقيون شأوا فنيّا عاليا في صنع الزجاج وزخرفته ، لا بلّ إنّ العلماء المتخصّصين يعيدون أصل صناعة الزجاج إلى الفينيقيّين. وفي الحقبة نفسها شاعت أعمال غزل الصوف المحلّي وحياكته في هذه النقطة المبدعة من العالم ، كما حاكوا خيط الكتّان وصنعوا الكتّان من القنّب المحلّي ، أمّا صباغ الأرجوان الذي تؤكّد الآثار على أنّه كان معروفا منذ منتصف القرن الثاني قبل الميلاد ، وإن كان الجبيليّ قد عرفه حتما ، إنما البراعة والشهرة فيه تعود إلى صور.
وإنّ الجبيليّ الذي راد البحار بمراكبه ، ما كان ليتمكّن من ذلك لو لم يكن قد حقّق معرفة أساسيّة بعلم الفلك ، فلم يكن التنبّؤ بأحوال الطقس هو الضرورة العلميّة الوحيدة لتمكّنه من الملاحة البعيدة المدى ، بل كان من الضرورات الأساسيّة الشرطيّة أن يتقن قراءة خارطة السماء : النجوم. ولا