يسكّ النقود بإسمه. وقد احتلّ ملك صيدا المقام الأوّل في هذه المجموعة ، تلاه ملك صور. وهكذا يظهر أنّ جبيل التي سالمت الأشوريّين والبابليّين قد خسرت شيئا من مكانتها أمام الفرس لصالح الذين كانوا ثائرين على الأشوريّين والكلدان ، صيدا وصور.
أعاد السلم الفارسيّ إلى المدن الفينيقيّة بدءا من أواخر القرن السادس ق. م. كثيرا من الرخاء. وكان جلّ نشاط الفينيقيّين في هذا العصر مساعدة الفرس في حروبهم البحرية ضدّ الإغريق ، إلّا أن نجم جبيل وفعاليّتها كانا خابيين في هذه الحقبة التي برزت فيها صيدا وصور ، وقد أصبح لقب صيدانيّين ، وأحيانا صورانيّين ، يطلق على جميع الفينيقيّين عموما. وعندما أسّست جاليات من المملكات المستقلّة مدينة طرابلس ، لم يكن هنالك جالية من جبيل ، بل اقتصر النشاط على صيدا وصور وأرواد.
غير أنّ الآثار الجبيليّة العائدة إلى تلك الحقبة تنمّ عن نشاط بارز على الصعيد الدينيّ ، فقد أصبح هيكل البعلة أكبر بكثير ممّا كان عليه في العهود السابقة. كذلك ينمّ الأثر العمرانيّ عامّة عن تطوّر ملحوظ ، فغدت البيوت أكثر رحابة وكثافة ، واستمرّت المدينة تضرب نقدها في عهود ملوكها : أز ـ بعل ، وأدرا ـ ملك ، وأور ـ ملك ، وعين ـ آل. وكان أوّل نقد ضربته جبيل يحمل على أحد وجهيه سفينة تمخر البحر ، فوقها ثلاثة جنود بخوذهم الهلاليّة ، وبأيديهم تروس مستديرة ، وفي الأسفل يبدو فرس البحر تحت السفينة. وعلى الوجه الآخر صورة نسر جاثم على كبش غنم. وفي زمن لاحق استبدلت صورة النسر بصورة أسد يربض فوق فريسته التي تمثّل ثورا. ثمّ طوّر الرسم فأصبح يمثّل أسدا يصارع ثورا. ثمّ أضيف إلى النقوش صورة صفدة