فلاسفة وبلغاء ، فهي قد أهدت العالم مؤرّخا فذّا رائدا كان له الفضل في حفظ معلومات نادرة ودقيقة عن حضارة المنطقة في حقب مظلمة من التاريخ ، إنّه" فيلو الجبيلي" الذي عرف عند الغربيّين بإسم PHILO OF BYBLOS والذي عاش بين ٦٤ و ١٤٠ م. ، فقد وضع هذا المؤرّخ الجبيليّ الشهير مؤلفا قيّما بموضوع ميثولوجيّ تضمّن القصص التي كانت تدور حول خلق العالم وحول الدين الفينيقيّ ونشوء المدن الفينيقيّة ، معتمدا مصدرا بالغ الأهميّة ، هو سنكون ياتون SANCHUNIATON البيروتيّ الفينيقيّ ، وبقي الباحثون يعتقدون طيلة قرون أنّ مرجع فيلو الجبيلي : سينكون ياتون ، هو شخصيّة خياليّة وهميّة اخترعها الجبيليّ لتعزيز قيمة مؤلّفه ، إلى أن جاءت اكتشافات أو غاريت سنة ١٩٢٣ لتبيّن أنّ سنكون ياتون هذا إنّما شخصيّة حقيقيّة فينيقيّة من بيروت ، عاش في القرن السادس قبل الميلاد ودوّن الكتابات التي اعتمد عليها الجبيليّ. وقد دلّت النقوش الأوغاريتيّة على أنّ التاريخ الذي وضعه فيلو الجبيلي فيه كثير من الصحّة. وعندما أشرقت بوادر بشرى الخلاص في سماء الشرق بمولد السيّد المسيح في بيت لحم ، كانت جبيل في أوج مكانتها الدينيّة الوثنيّة.
المسيحية في عرين أدونيس
عند بداية انتشار المسيحيّة شمالا نحو فينيقية اللبنانيّة ، كانت جبيل تشكّل أحد مركزي العبادتين الشائعتين في المنطقة آنذاك : عبادة الإله السامي هدد ـ رمّون الذي تحوّل إلى إله إغريقيّ ـ رومانيّ فأصبح المشتري ، وهو جوبيتير ، وهو نفسه زفس ، وكان المركز الأوّل الرئيس لتلك العبادة هيليوبوليس مدينة الشمس بعلبك ؛ وعبادة أدون ـ عشترت ، التي تحوّلت إلى أدونيس ـ عشتروت ، أو فينوس ، ومركز عبادتها الأوّل الرئيس جبيل. لذلك ، ولأنّ صور وصيدا أقرب إلى مكان مجيء المسيح من جبيل ، فقد تأخّرت جبيل عن مدن الجنوب