من البيزنط إلى الصليبيّين
عندما جاء الفتح العربيّ ، كانت جبيل قد أصبحت مسيحيّة بشكل كامل ، وإنّ أخبار الفتح بقيت مشوّشة بالنسبة لمدينة جبيل ، فمؤرّخو المردة يذكرون أنّه عند ابتداء دولة العرب سنة ٦٢٨ كان من الأمراء المردة الأمير يوسف واليا على جبيل ، وأنّ يوحنّا ، بن حفيد يوسف ، قد تولّى أيّام قسطنطين الرابع (٦٦٨ ـ ٦٥٨) من القدس حتّى حدود أنطاكية ، وأنجد الملك قسطنطين سنة ٦٧٧ في مواقع عديدة ، بينما يذكر مؤرّخون آخرون أنّه قد تمّ فتح جبيل على يد معاوية ويزيد في حوالى العام ٦٣٦ ، وقولون إنّ الفاتحين قد أجلوا عن المدينة الروم والذين كانوا يمالئونهم ، وأبقوا على أهل البلاد منهم ، وخيّروهم بين اعتناق الاسلام أو البقاء في ربوعهم ضمن شروط أهل الذمّة.
وما نعلمه من مجمل المدوّنات أنّ مسيحيّي جبيل من أهل البلاد قد توزّعوا يومها على ثلاث فئات ، الأولى فضّلت الرحيل والبقاء على دينها وقد انتقلت إلى الجبال العالية النائيّة عن الفتح ، والثانية اختارت البقاء في المدينة ضمن الشروط المفروضة ، والثالثة اتّبعت الإسلام. ويذكر المؤرّخون أنّ معاوية قد استقدم قوما من الفرس وأسكنهم مدن الساحل مكان الذين أجلوا عنها والذين اختاروا الرحيل. ولا تعود المدوّنات التاريخيّة تذكر سوى الأخبار النادرة عن جبيل حتّى قدوم الصليبيّين.
سنة ١٠٩٩ ، وكان العهد فاطميّا ، وكان الصليبيّون قد سيطروا على الشاطئ الممتدّ من اسكندرونا إلى طرطوس ، وبقي بنو عمّار صامدين في عرقة وطرابلس ، توجّه الصليبيّون نحو جبيل من دون أن يلقوا مقاومة. ويقول الشدياق إنّ الصليبيّين لاقوا ترحيبا على امتداد الساحل بين طرابلس وجبيل من قبل المردة وسواهم من اتباع الطوائف الشرقيّة الذين كانوا