فأحرقوها وهدموها وكادوا أن يزيلوا أهمّ معالمها ، وفي وصف لمستشرق زار المدينة بعد حوالى قرن على سقوطها بيد المماليك ، وهو المستشرق الإيطالي سوريانو ، ذكر أنّها" خربة مهجورة ، وفيها كنائس عظيمة متهدّمة تماما" إلّا أنّ المنطقة الواقعة بين نهر ابراهيم ونهر المدفون صعودا حتّى مشارف البقاع ، قد بقيت صامدة بوجه المماليك رغم هجمات الأخيرين العنيفة ، وقد تمكّن مقدّمو الموارنة من إخراج المماليك من جبيل عام ١٣٠٥ ، وأبقوهم خارج نطاق تلك المنطقة الصغيرة : بلاد جبيل ، التي أضحت ملجأ للأقليّات وبقيت كذلك حتّى الفتح العثماني سنة ١٥١٦ ، غير أنّ الصليبيّين الذين كانوا لا يزالون في مدينة جبيل في خلال معركة ١٢٩٢ ، قد فرّوا بمعظمهم عبر البحار ، وانخرطت جماعات منهم مع السكّان الموارنة واندمجت فيهم تماما ، ولا تزال من سلالاتهم أسر عديدة منتشرة اليوم في مختلف أنحاء البلاد ، أبناؤها على مذاهب مسيحيّة وإسلاميّة شتّى ، وإن كانت أكثريّتهم مارونيّة.
بقايا صليبيّة
يذكر بعض المؤرّخين ، ومنهم ديشان PAUL DESCHAMPS أنّ الصليبيّين قد أطلقوا على جبيل إسم جبلةGIBLET أو جبالة. أمّا محمّد علي مكّي فيسمّيها في هذه الحقبة جبيل ، وكذلك كمال الصليبي ، بينما جواد بولس يسمّيها جبلة. وقد اتّفق المؤرّخون على أنّ الكونت" ريموند دو سان جيل" قد أقطع جبيل إلى الجنويّ GUILLELMO DEGLI EMBRIACI. واستطاعت عائلة أمبرياتشي ، الأسرة الأكثر أهميّة في كونتيّة طرابلس أن تستمرّ حاكمة لهذه المدينة التاريخيّة طوال حقبة الوجود الفرنجيّ في الشرق. وتمتدّ جبيل التي بناها الصليبيّون في القرون الوسطى ، إلى الناحية الشماليّة من المدينة القديمة ،