لغير دليل ـ فعن سيبويه والأخفش المنع مطلقا وعن الأكثرين ـ ومنهم ابن مالك ـ الإجازة مطلقا. وعن الأعلم الجواز في أفعال الظنّ دون أفعال العلم.
ويمتنع بالإجماع حذف أحدهما اقتصارا وأمّا اختصارا فمنعه بعضهم وأجازه الجمهور ، كقوله :
ولقد نزلت فلا تظنّي غيره |
|
منّي بمنزلة المحبّ المكرم (١) |
أي : فلا تظنّي غيره واقعا.
الرّابع : يجوز أن يكون فاعلها ومفعولها ضميرين لشيء واحد ، نحو : «علمتني منطلقا» ، بخلاف سائر الأفعال ، فلا يقال : «ضربتني» ، بل يقال : «ضربت نفسي».
القسم الثاني : أفعال التصيير
وهي تدخل على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين لها ، كأفعال القلوب ، ولكن ليس فيها معنى العلم أو الظنّ ولا يجري فيها أحكام هذه الأفعال ، كالإلغاء والتعليق. وعدّها بعضهم سبعة وهي : «صيّر» ، نحو : «صيّرت زيدا قائما» و «جعل» ، نحو قوله تعالى : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً)(٢) و «وهب» ، نحو : «وهبني الله فداك» و «تخذ» ، نحو :
تخذت غراز إثرهم دليلا |
|
وفرّوا في الحجاز ليعجزوني (٣) |
و «اتّخذ» كقوله تعالى (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً)(٤) و «ترك» ، نحو :
وربّيته حتّى إذا ما تركته |
|
أخا القوم واستغنى عن المسح شاربه (٥) |
__________________
(١). المعنى : أنت عندي بمنزلة المحبّ المكرم فلا تظنّي غير ذلك واقعا.
(٢). الفرقان (٢٥) : ٢٣.
(٣). قوله «غراز» اسم واد منع من الصرف لقصد البقعة وهو مفعول أوّل و «دليلا» مفعول ثان و «إثرهم» ـ أي : عقيبهم ـ منصوب على الظرفيّة. والضمير في «فرّوا» يرجع إلى «بني لحيان» في البيت السابق وكذا الضمير في «إثرهم». وكلمة «في» بمعنى إلى.
(٤). النساء (٤) : ١٢٥.
(٥). قوله : «واستغنى عن المسح شاربه» : كناية عن كبره واستقلاله بنفسه.