التنازع في العمل
التنازع هو أن يتوجّه عاملان (١) ـ ليس أحدهما مؤكّدا للآخر ـ إلى معمول واحد متأخّر عنهما ، نحو : «ضربت وأكرمت زيدا» ، وقوله تعالى : (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) ، (٢) و «هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ». (٣) ولا خلاف بين البصريّين والكوفيّين في جواز إعمال كلّ واحد من العاملين في ذلك الاسم ، لكن اختلفوا في الأولى منهما.
فذهب البصريّون إلى أنّ الثاني أولى لأنّه أقرب ، ولأنّه لو أعملت الأوّل في نحو : «قام وقعد زيد» لفصلت بين العامل ومعموله بأجنبيّ بلا ضرورة ولعطف على الجملة قبل تمامها وكلاهما خلاف الأصل.
وذهب الكوفيّون إلى أنّ الأوّل أولى لتقدّمه ولأنّه لو أعملت الثاني لأضمرت في العامل الأوّل فيلزم الإضمار قبل الذكر.
ثمّ إنّك إذا أعملت الأوّل أضمرت في الثاني ما يحتاج إليه ، من مرفوع ومنصوب ومجرور ، نحو : «قام وقعد أخواك» و «قام وضربتهما أخواك» و «قام ومررت بهما أخواك». وذلك لأنّ الاسم المتنازع فيه ـ وهو «أخواك» في المثال ـ في نيّة التقديم ؛ فالضمير وإن عاد على متأخّر لفظا لكنّه متقدّم رتبة. وبعضهم يجيز حذف غير المرفوع لأنّه فضلة.
وإن أعملت الثاني فإن احتاج الأوّل إلى منصوب لفظا أو محلّا ؛ فإن أوقع حذفه في
__________________
كذا إذا الفعل تلا ما لم يرد |
|
ما قبل معمولا لما بعد وجد |
واختير نصب قبل فعل ذي طلب |
|
وبعد ما إيلاؤه الفعل غلب |
وبعد عاطف بلا فصل على |
|
معمول فعل مستقرّ أوّلا |
وإن تلا المعطوف فعلا مخبرا |
|
به عن اسم فاعطفن مخيّرا |
والرّفع في غير الذي مرّ رجح |
|
فما أبيح افعل ودع ما لم يبح |
وفصل مشغول بحرف جرّ |
|
أو بإضافة كوصل يجري |
وسوّ في ذا الباب وصفا ذا عمل |
|
بالفعل إن لم يك مانع حصل |
وعلقة حاصلة بتابع |
|
كعلقة بنفس الاسم الواقع |
(١). جري على الغالب لا شرط. وقد يكون المتنازع فيه أكثر من اثنين.
(٢). الكهف (١٨) : ٩٦.
(٣). الحاقّة (٦٩) : ١٩.