وإن كان التكرار لغير التوكيد ـ وهي التي يقصد بها ما يقصد بما قبلها من الاستثناء ، ولو اسقطت لما فهم ذلك ـ فلا يخلو إمّا أن يكون الاستثناء مفرّغا أو غير مفرّغ.
فإن كان مفرّغا تركت العامل يؤثّر في واحد من المستثنيات ـ أيّها شئت ـ ونصبت ما عدا ذلك الواحد ، نحو : «ما قام إلّا زيد إلّا عمرا إلّا بكرا».
وإن كان غير مفرّغ فإمّا أن تتقدّم المستثنيات على المستثنى منه أو تتأخّر.
فإن تقدّمت المستثنيات وجب نصب الجميع سواء كان الكلام موجبا أو غير موجب ، نحو : «قام إلّا زيدا إلّا عمرا إلّا بكرا القوم» و «ما قام إلّا زيدا إلّا عمرا إلّا بكرا القوم».
وإن تأخّرت المستثنيات فإن كان الكلام موجبا وجب نصب الجميع أيضا ، نحو : «قام القوم إلّا زيدا إلّا عمرا إلّا بكرا».
وإن كان غير موجب عومل واحد منها ـ أيّها شئت ـ بما كان يعامل به لو لم يتكرّر الاستثناء ونصب الباقي ، نحو ، «ما قام أحد إلّا زيد إلّا عمرا إلّا بكرا».
هذا حكم المستثنيات المكرّرة بالنظر إلى اللفظ.
أمّا بالنظر إلى المعنى فهو نوعان : ما لا يمكن استثناء بعضه من بعض ، ك «زيد وعمرو وبكر» ، وما يمكن ، نحو : «له عندى عشرة إلّا أربعة إلّا اثنين إلّا واحدا».
ففي النوع الأوّل إن كان المستثنى الأوّل داخلا ـ وذلك إذا كان مستثنى من غير موجب ـ فما بعده داخل ، نحو : «ما قام القوم إلّا زيدا إلّا عمرا إلّا بكرا» و «ما قام أحد إلّا زيد إلّا عمرا إلّا بكرا». وإن كان خارجا ـ وذلك إذا كان مستثنى من موجب ـ فما بعده خارج ، نحو : «قام القوم إلّا زيدا إلّا عمرا إلّا بكرا».
وفي النوع الثاني اختلفوا. فقيل : «الحكم كذلك ، وإنّ الجميع مستثنى من أصل العدد». وقال البصريّون والكسائي : «كلّ من الأعداد مستثنى ممّا يليه». قال ابن هشام : «وهو الصحيح ، لأنّ الحمل على الأقرب متعيّن عند التّردّد». وقيل : «المذهبان محتملان».
وعلى هذا ، فالمقرّ به في المثال ، ثلاثة على القول الأوّل ، وهو واضح ، وسبعة على القول الثاني ، فإنّك إذا استثنيت واحدا من اثنين بقي واحد فإذا استثنيته من الأربعة بقي ثلاثة وإذا اثتثنيتها من عشرة بقي سبعة. (١)
__________________
(١). قال ابن مالك :
وإن تكرّر لا لتوكيد فمع |
|
تفريغ التّأثير بالعامل دع |