وحقّ صاحب الحال أن يكون معرفة ولا ينكّر في الغالب إلّا عند وجود مسوّغ ، نحو : «في الدّار قائما رجل» (١) وقول الشاعر :
نجّيت يا ربّ نوحا واستجبت له |
|
في فلك ماخر في اليمّ مشحونا |
ف «مشحونا» حال من «فلك» النكرة ، والمسوّغ توصيفه بقوله «ماخر». (٢) وقوله تعالى : «فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ».(٣)
ف «سواء» حال من «أربعة» والمسوّغ تخصّصها بالإضافة. وقوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ) ، (٤) ف «لها كتاب» جملة في موضع الحال من «قرية» وصحّ مجيء الحال من النكرة لتقدّم النفي عليها. وغير ذلك.
واحترزنا بقولنا «في الغالب» ممّا ورد فيه صاحب الحال نكرة من غير مسوّغ ، فأجاز سيبويه : «فيها رجل قائما». (٥)
تقديم الحال على صاحبها
مذهب جمهور النحويّين أنّه لا يجوز تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف أصليّ فلا تقول في «مررت بهند جالسة» : «مررت جالسة بهند». (٦)
وذهب جماعة ـ كابن مالك ـ إلى الجواز ـ لورود السماع بذلك ، نحو قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) ، (٧) حيث وقع «كافّة» حالا من «الناس».
__________________
(١). ف «قائما» حال من «رجل» وهو نكرة. قال جماعة من النحويّين : «المسوّغ تقديم الحال على صاحبه النكرة». والحقّ ـ كما ذكرنا في باب المبتدأ والخبر عن ابن هشام ـ أنّ المسوّغ هو كون الخبر جارّا ومجرورا.
(٢). «ماخر» : اسم فاعل من «مخر السّفينة» إذا جرت تشقّ الماء مع صوت. و «مشحونا» اسم مفعول من «شحن السّفينة» أي : ملأها.
(٣). فصّلت (٤١) : ١٠.
(٤). الحجر (١٥) : ٤.
(٥). قال ابن مالك :
ولم ينكّر غالبا ذو الحال إن |
|
لم يتأخّر أو يخصّص أو يبن |
من بعد نفي أو مضاهيه ك «لا |
|
يبغ امرؤ على امرىء مستسهلا» |
(٦). ولا خلاف في أنّ صاحب الحال إن كان مجرورا بحرف جرّ زائد جاز تقديم الحال عليه وتأخيره عنه ا فيصّح أن تقول : «ما جاء من أحد راكبا» وأن تقول : «ما جاء راكبا من أحد».
(٧). سبأ (٣٤) : ٢٨.