تقديم الحال على عاملها
للحال مع عاملها ثلاث حالات :
إحداها : أن يجوز فيها أن تتأخّر عنه وأن تتقدّم ، وذلك فيما إذا كان العامل فعلا متصرّفا ك «جاء زيد راكبا» أو صفة تشبه الفعل المتصرّف ، (١) نحو : «مسرعا زيد ذاهب».
الثانية : أن تتقدّم عليه وجوبا ، كما إذا كان لها صدر الكلام ، نحو : «كيف جاء زيد؟».
الثالثة : أن تتأخّر عنه وجوبا ، وذلك في ستّ مسائل : وهي أن يكون العامل فعلا جامدا ، نحو : «ما أحسنه مقبلا» ، أو صفة تشبه الفعل الجامد ـ وهو اسم التفضيل ـ نحو : «هذا أفصح الناس خطيبا» ، أو مصدرا مقدّرا بالفعل وحرف مصدري ، نحو : «أعجبني اعتكاف أخيك صائما» ، (٢) أو اسم فعل نحو : «نزال مسرعا» ، أو لفظا مضمّنا معنى الفعل دون حروفه ، (٣) نحو قوله تعالى : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً) ، (٤) أو عاملا آخر عرض له مانع نحو : «لأصبر محتسبا» و «لأعتكفنّ صائما» ، فإنّ ما بعد لام الابتداء ولام القسم لا يتقدّم عليهما. ويستثنى من أفعل التفضيل ما كان عاملا في حالين لاسمين متّحدي المعنى أو مختلفين وأحدهما مفضّل على الآخر ، فإنّه يجب تقديم حال الفاضل ، نحو : «هذا بسرا أطيب منه رطبا» وقولك : «زيد مفردا أنفع من عمرو معانا». هذا مذهب الجمهور.
وزعم السيرافي أنّهما خبران منصوبان ب «كان» المحذوفة والتقدير : «هذا إذا كان بسرا أطيب منه إذا كان رطبا» و «زيد إذا كان مفردا أنفع من عمرو إذا كان معانا». ولا يجوز تقديم هذين الحالين على أفعل التفضيل ولا تأخيرهما عنه فلا تقول : «هذا بسرا رطبا أطيب منه» ولا «زيد مفردا معانا أنفع من عمرو». (٥)
__________________
(١). المراد بالصّفة ما تضمّن معنى الفعل وحروفه ، وقبل التأنيث والتثنية والجمع كاسم الفاعل واسم المفعول والصّفة المشبهة.
(٢). والوجه فيه أنّ معمول المصدر المقدّر من «أن» والفعل لا يتقدّم عليه.
(٣). كأسماء الإشارة وحروف التمنّي والتشبيه. وندر تقديمها على عاملها الظرف ، نحو : «زيد قائما عندك» ، أو الجارّ والمجرور ، نحو : «سعيد مستقرّا في الدار». وأجازه الأخفش قياسا.
(٤). النمل (٢٧) : ٥٢.
(٥). قال ابن مالك :
والحال إن ينصب بفعل صرّفا |
|
أو صفة أشبهت المصرّفا |