بالعطف على الجواب والرّفع على الاستئناف والنصب ب «أن» مضمرة وجوبا. وقد قرىء بالثلاثة قوله تعالى : (إِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ) ، (١) بجزم «يغفر» ورفعه ونصبه.
فإن اقترن ب «ثمّ» جوّزوا فيه الجزم والرفع فقط.
وقوع المضارع بين الشرط والجزاء
إذا وقع المضارع المقرون بالفاء أو الواو بين فعل الشرط وجوابه جاز فيه الجزم والنصب ، فالجزم ، نحو قوله تعالى : «إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ».(٢) والنصب كقول الشاعر :
ومن يقترب منّا ويخضع نؤوه |
|
ولا يخش ظلما ما أقام ولا هضما (٣) |
فإن وقع بعد «ثمّ» لم ينصب ، وأجازه الكوفيّون.
حذف الشرط أو الجزاء
يجوز حذف جواب الشرط إذا دلّ عليه دليل ، يقال : «إن أتيتني أكرمك» فتقول : «وأنا إن أتيتني» ، أي : أكرمك ؛ قال الله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) ، (٤) أي : لما آمنوا به. وأمّا عكسه ـ وهو حذف الشرط ـ فقال ابن هشام :
«هو مطّرد بعد الطلب نحو قوله تعالى : (فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ، (٥) أي : فإن تتّبعوني يحببكم الله. وجاء بدون الطلب ، كقوله تعالى : (إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) ، (٦) أي : فإن لم يتأتّ لكم إخلاص العبادة لي في هذه البلدة فإيّاي فاعبدون في غيرها. وحذف جملة الشرط بدون الأداة ، كثير كقول الأحوص :
فطلّقها فلست لها بكفء |
|
وإلّا يعل مفرقك (٧) الحسام |
أي : وإلّا تطلّقها». (٨)
__________________
(١). البقرة (٢) : ٢٨٤.
(٢). يوسف (١٢) : ٩٠.
(٣). نؤوه : ننزله عندنا ، أي : يكون له منّا مأوى ، والهضم : الظلم.
(٤). الرّعد (١٣) : ٣١.
(٥). آل عمران (٣) : ٣١.
(٦). العنكبوت (٢٩) : ٥٦.
(٧). المفرق : وسط الرأس.
(٨). مغني الأديب : ٢ / ١٥٦.