فصل : لا بدّ ل «لو» الشرطيّة من جواب. وجوابها : إمّا ماض وضعا أو معنى ، فإن كان وضعا ، فهو إمّا مثبت أو منفي ب «ما». فإن كان مثبتا فالأكثر اقترانه باللام ، كقوله تعالى : (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ) ، (١) ويجوز حذفها ، كقوله تعالى : (لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ) ، (٢) وإن كان منفيّا ب «ما» فالأمر بالعكس ، كقوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا) اقتلوا» (٣) وقول الشاعر :
ولو نعطى الخيار لما افترقنا |
|
ولكن لا خيار مع اللّيالي |
وإن كان الجواب ماضيا معنى لم تقترنه اللام ، كقول ابن حمّاد في مدح عليّ عليهالسلام :
لو لم يكن خير الرجال لم تكن |
|
زوجته فاطمة خير النساء (٤) |
أمّا
حرف شرط وتفصيل وتوكيد ، نحو قولك : «هذان فاضلان : أمّا زيد ففقيه وأمّا عمرو فمتكلّم». وأوجبوا حذف شرطها لكونها ـ كما قلنا ـ للتفصيل وهو مقتض للتكرار وذكر الشرط مكرّرا يؤدّي إلى الاستثقال ، فإنّ أصل المثال : «أمّا يكن من شيء في الدّنيا فزيد فقيه وأمّا يكن من شيء في الدّنيا فعمرو متكلّم». وهذا تأكيد وجزم بكون زيد فقيها وعمرو متكلّما ، لجعل الأمرين لازما لوقوع شيء في الدنيا ، ولا بدّ من حصول شيء فيها ما دامت باقية. (٥)
وبعد حذف الشرط وضعوا جزء ممّا بعد الفاء بين أمّا والفاء ، للاحتراز من دخول حرف الشرط على الفاء.
__________________
(١). الأنفال (٨) : ٢٣.
(٢). النساء (٤) : ٩.
(٣). البقرة (٢) : ٢٥٣.
(٤). مناقب آل أبي طالب ، لمحمّد بن شهر آشوب المازندراني : ٢ / ١٨٢.
قال ابن مالك :
لو حرف شرط في مضيّ ويقلّ |
|
إيلاؤها مستقبلا لكن قبل |
وإن مضارع تلاها صرفا |
|
إلى المضيّ ، نحو : لو يفي كفى |
(٥). وقال جماعة من النحويين : «أمّا» قائمة مقام أداة الشرط وفعل الشرط واستشهد بعض هولاء على ذلك بتفسير سيبويه لقولهم «أمّا زيد فقائم» ب «مهما يكن من شيء فزيد قائم». قال المحقق الرضي رحمهالله في شرح الكافيه (٢ / ٣٩٧): «أمّا تفسير سيبويه فليس لأنّ أمّا بمعنى مهما ، كيف ، وهذه حرف و «مهما» اسم ، بل قصده إلى المعنى البحت.