المنى ، قالوا : ثم ما ذا يا سطيح؟ قال : ثم يظهر رجل من اليمن أبيض كالشطن. يخرج من بين صنعاء وعدن ، يسمى حسين أو حسن يذهب الله على رأسه الفتن.
قال أبو زرعة : فذكرته لأبي اليمان. فلم يقل (١) به ، ثم قدمت فلقيني هشام بن عمار وهو يظن أني قد سمعته من أبي اليمان عن إسماعيل بن عياش ، فأعلمته أني لم أسمعه.
أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم ، أنا أبو الفضل عبد الرحمن بن أحمد الرازي ، أنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب أنا محمد بن هارون الروياني ، أنا أبو طلحة الخزاعي ، نا بكر بن سليمان نا ابن إسحاق (٢) عن بعض أهل الرواية : أن ربيعة بن نصر اللخمي رأى رؤيا هائلة وفظع بها ، فلما رآها بعث إلي الحزاة من أهل مملكته فلم يدع كاهنا ولا ساحرا ولا عائفا ولا منجما إلا جمعهم إليه. ثم قال : إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها ، فأخبروني بتأويلها. فقالوا : اقصصها علينا ، نخبرك بتأويلها. فقال : إني إن أخبرتكم بها فلم أطمئن إلى تأويلها ، إنه لا يعرف تأويلها إلا من يعرفها قبل أن أخبره بها ، فلما قال ذلك قال له رجل من القوم الذين جمع لذلك : فإن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشق ، فإنه ليس أحد أعلم منهما ، فهما يخبرانك بما تسأل عنه ، واسم سطيح ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب ابن عدي بن مازن بن ثعلبة بن الأزد ، ومازن غسان ، وكان يقال لسطيح الذئبي لنسبه إلى ذئب ابن عدي ، وشق بن صعب بن يشكر بن الهرم (٣) بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار بجيلة فلما قال ذلك له ، بعث إليهما ، فقدم إليه سطيح قبل شق ، ولم يك في زمانهما مثلهما من الكهان. فلم قدم عليه سطيح ورعا ، فقال له : يا سطيح ، إني قد رأيت رؤيا هالتني وفظعت بها فأخبرني بها ، فإنك إن أصبتها أصبت تأويلها. قال : أفعل ، رأيت حممة خرجت من ظلمة فوقعت في أرض تهمة ، فأكلت منها كل ذات جمجمة. فقال له الملك : ما أخطأت منها شيئا يا سطيح. فما عندك في تأويلها؟ فقال : أحلف بما بين الحرتين من حنش ، ليهبطن أرضكم الحبش فليملكن ما بين أبين (٤) إلى جرش (٥). فقال له
__________________
(١) بالأصل : يقول.
(٢) الخبر رواه السيوطي في الخصائص الكبرى ١ / ٦٠ من طريق ابن عساكر ، ورواه أبو نعيم الحافظ في دلائل النبوة ص ١٢٥ رقم ٧٠ وسيرة ابن هشام ١ / ١٥ ـ ١٦.
(٣) في دلائل النبوة : بن رهم بن برانوك بن نذير.
(٤) أبين : بفتح أوله ويكسر ، مخلاف باليمن منه عدن.
(٥) جرش : من مخاليف اليمن من جهة مكة ، وقيل هي مدينة عظيمة باليمن ، وولاية واسعة.