عبد الله البجلي. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا جرير ، إنك لن تدرك شريعة الإسلام ، ولن تدرك حقيقة الإيمان حتى تترك عبادة الأوثان». قال جرير : يا رسول الله ، قد أسلمت ، فادع الله أن يشرح قلبي للإسلام. قال : «اللهم ، اشرح قلبه للإيمان ، ولا تجعله من أهل الرّدة ، ولا تكثر له فيطغى ، ولا تملي عليه فينسى». قال جرير : يا رسول الله ، حدثني عما جئت أسألك عنه. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تسأل عن حق الوالد على ولده ، وحق الولد على والده. وإن من حق الوالد على ولده أن يخشع له عند الغضب ، ويؤثره عند الشكاية والوصب ، فإن المجافي ليس بالواصل ، ولكن الواصل إذا قطعت رحمه وصلها. ومن حقّ الولد على والده أن لا يجحد نسبه ، وأن يحسن أدبه». قال جرير : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، هذا ـ والله الذي بعثك نبيا ـ الذي جئت له ، وأنا أريد أن أسألك عنه ، آمنت بالله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أين منزلك يا جرير؟» قال : نحن بأكناف بيشة (١) بين سلم (٢) وأراك وسهل ودكداك (٣) وحمض (٤) وعلاك (٥) ، في نخلة وضالة (٦) ونجمة وأثلة (٧) ، ونجل (٨) وتالة (٩). ربيعنا مريع ، وشتاؤنا ربيع ، وماؤنا نبيع (١٠) ، لا يقام ماتحها (١١) ولا يحسر مائحها (١٢) ولا يعزب سارحها (١٣) ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خير الماء الشّبم (١٤) ،
__________________
(١) بيشة : قرية غناء في واد كثير الأهل من بلاد اليمن (معجم البلدان).
(٢) السلم : شجر ورقه القرظ الذي يدفع به.
(٣) الدكداك من الرمل : ما التبد بعضه على بعض بالأرض ، ولم يرتفع.
(٤) كذا ، وجاء في اللسان : وفي حديث جرير : من سلم وأراك وحموض هي جمع الحمض وهو كل تبت في طعمة حموضة.
(٥) العلاك : شجر ينبت بالحجاز.
(٦) الضالة بتخفيف اللام واحدة الضال ، وهي شجر السدر (اللسان).
(٧) الأثلة : شجر من نوع الطرفاء (اللسان : أثل).
(٨) النجل جمع نجيل ، وهو ضرب من دق الحمض ، وهو خير منه (اللسان : نجل).
(٩) التالة : واحدة التال ، وهي النخلة الصغيرة (اللسان : تول).
(١٠) في الفائق للزمخشري : وماؤنا يميع أو يريع. وفي شرحها : يميع : يسيل ويريع : يثوب (١ / ٤٣٢).
(١١) الماتح : نازع الدلو ، أراد أن ماءهم سائح ، فلا يحتاجون إلى إقامة ماتح (الفائق ١ / ٤٣٢).
(١٢) وفي اللسان : ولا يحسر صابحها ، وفي الفائق : يحسر صابحها.
وحسر : إذا أعيا. والميح : أن يدخل البئر فيملأ الدلو ، وذلك إذ قلا ماؤها.
(١٣) السارح : الإبل التي ترعى. أي لا يبعد ما يسرح منها إذا غدت للمرعى.
(١٤) الشبم : البارد ، وقيل : إنما هو السنم ، أي العالي على وجه الأرض.