ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة لا ريح لها وطعمها مرّ».
فالرسول قد شبّه المؤمن القارىء وهو متّصف بصفتين هما الإيمان والقراءة بالأترجة وهي ذات وصفين هما الطعم والريح ، وشبّه المؤمن غير القارىء ، وهو متّصف بصفتين هما الإيمان وعدم القراءة بالتمرة ، وهي ذات وصفين هما الطعم وعدم الريح ، ووصف المنافق القارىء ، وهو متّصف بصفتين هما النفاق والقراءة بالريحانة وهي ذات وصفين هما الريح وعدم الطعم ، ووصف المنافق غير القارىء ، وهو متّصف بصفتين هما النفاق وعدم القراءة بالحنظلة ، وهي ذات وصفين هما عدم الريح ومرارة الطعم.
ومما ورد من هذا النوع شعرا قول البحتري :
خلق منهمو تردّد فيهم |
|
وليته عصابة عن عصابة |
كالحسام الجراز يبقى على الده |
|
ر ، ويفنى في كل حين قرابه (١) |
وقول ابن الرومي :
أدرك ثقاتك أنهم وقعوا |
|
في نرجس معه ابنة العنب |
فهمو بحال لو بصرت بها |
|
سبّحت من عجب ومن عجب |
ريحانهم ذهب على درر |
|
وشرابهم درّ على ذهب (٢) |
ويقارن ابن الأثير بين هذا التشبيه وسابقه مقررا أن تشبيه البحتري أصنع ، وذلك أن تشبيه ابن الرومي صدر عن صورة مشاهدة ، على حين
__________________
(١) الحسام الجراز : السيف الماضي النافذ المستأصل ، وقراب السيف : غمده.
(٢) أدرك ثقاتك : ألحق بمن تثق بهم فهم بين ريحان وراح ، والعجب بضم فسكون : الزهو ، والعجب بفتح العين والجيم : إنكار الشيء لأنه خلاف المألوف.