قحطت السماء في زمان يزيد بن عبد الملك ، وعلى دمشق عبد الله بن عبد الرحمن الفهري ، فخرج بنا إلى مضمار دمشق يستسقي ، فجلس على درجة دون المجلس من المنبر ، فدعا الله ، وعظّمه ، ومجّده طويلا ، ثم قال : اللهم أي رب ، إنا لم نكن لنجيء بأجمعنا إلى أحد دونك ـ وكل شيء هو دونك ـ في أمر لا ينقصه شيئا ، وهو بنا رافق إلا أعطاناه ، اللهم ، ولك المثل الأعلى ، جئناك الغداة نطلب في أمر لا ينقصك شيئا وهو بنا رافق ، فأعطنا برحمتك ، يا أرحم الراحمين. فلم نبرح حتى مطرنا.
[٩٩٨٣] عبد الله بن عبد الرحمن
ابن عضاه بن الكركير الأشعري
شهد صفين مع معاوية ، وبعثه يزيد بن معاوية إلى ابن الزبير يدعوه لبيعته (١) ، ومعه جامعة من فضة (٢) ، وبرنس خزّ ، فقدم (٣) على ابن الزبير وهو جالس بالأبطح (٤) ، ومعه أيوب ابن عبد الله بن زهير بن أبي أمية المخزومي ، وعلى مكة يومئذ الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة ، فكلمه ابن عضاه وابن الزبير ينكت في الأرض (٥) ، فقال له أيوب : يا أبا بكر ، لا أراك غرضا للقوم (٦) ، فرفع ابن الزبير رأسه فقال : أقلت : حلف ألا
__________________
[٩٩٨٣] انظر أخباره في ترجمته عبد الله بن الزبير المتقدمة في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ط. دار الفكر ـ بتحقيقي ٢٨ / ٢١٠ وتاريخ الطبري ٣ / ٣٤٧ وأنساب الأشراف ٥ / ٣٢٣ وما بعدها. والفتوح لابن الأعثم ٥ / ١٥١ والأخبار الطوال ص ٢٦٣.
(١) في أنساب الأشراف ٥ / ٣٢٣ أن يزيد بن معاوية وجه إلى ابن الزبير النعمان بن بشير الأنصاري وهمام بن قبيصة ليدعواه إلى بيعة يزيد. فلما أتيا مكة سألا ابن الزبير البيعة ، وقع في يزيد وذكره بالقبيح ، فانصرفا وأعلما يزيد بما كان من ابن الزبير فاستشاط غضبا وأكد يمينه في ترك قبول بيعته إلا وفي عنقه جامعة يقدم به فيها.
(٢) وفي رواية : جامعة من ورق. وفي رواية : سلسلة فضة وتبدأ من ذهب وجامعة من فضة. انظر تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ ـ ٨٠) ص ٤٤٣.
(٣) كان ابن عضاه الأشعري من وفد مؤلف من اثني عشر شخصا أرسله يزيد إلى ابن الزبير.
(٤) الأبطح : كل مسيل فيه دقاق الحصى فهو أبطح. والأبطح يضاف إلى مكة وإلى منى لأن المسافة بينه وبينهما واحدة ، وذكر بعضهم أنه إنما سمي أبطح لأن آدم عليهالسلام بطح فيه (معجم البلدان).
(٥) وكان مما قال ابن عضاه ، كما في أنساب الأشراف ٥ / ٣٢٤ يا أبا بكر قد كان من أثرك في أمر الخليفة المظلوم ونصرتك إياه يوم الدار ما لا يجهل ، وقد غضب أمير المؤمنين بما كان من إبائك مما قدم عليك فيه النعمان وهمام وخلف أن تأتيه في جامعة خفيفة لتحل يمينه فالبس عليها برنسا فلا ترى. ثم أنت الأثير عند أمير المؤمنين الذي لا يخالف في ولاية ولا مال.
(٦) نقل البلاذري في أنساب الأشراف ٥ / ٣٢٤ قولا آخر لأيوب ، قال : ليست يمين يزيد في ابن الزبير بأول يمين حنث فيها ووجب عليه تكفيرها ولا آخرها.