وكانت وفاته في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وخمسمائة. ولمّا كنا في جنازته فكرت في نفسي ، وقلت : والله إني لأحقّ من يغمر بالاهتمام بهذا التاريخ. فصرفت همّتي إليه ، وشرعت فيه ، ويسّر الله تمامه بهمة يغمر ، فإنه كان صالحا ، وكان يتأسف على ترك الشروع فيه ، وكان شديد الاهتمام به ، يكاد يبكي إذا ذكره ، ويقول : لو تمّ هذا الكتاب لا يكون في الإسلام كتاب مثله.
[١٠١٦٣] يلتكين التركي
كان من غلمان هفتكين (١) أمير دمشق من قبل الطائع لله ، فأهداه هفتكين للوزير ابن كلّس (٢) بمصر ، فاصطنع ، وجرّد إلى الشام في عسكر كبير ، وولي إمرة دمشق ، فوصل يلتكين في ذي الحجة سنة اثنتين (٣) وسبعين وثلاثمائة ، ومدبر عسكره ميشا بن القزاز اليهودي. وكانت دمشق إذ ذاك مفتتنة بقسّام (٤) الذي كان غلب عليها ، وبها جيش بن صمصامة (٥) بعد موت خاله أبي محمود الكتامي ، فلم يزل يلتكين يقاتل أهل البلد ، حتى تفرق عن قسّام من معه ، واستخفى ، وتسلّم يلتكين البلد ، وأقام به إلى أن وردت الكتب من مصر إليه أن يسلم البلد إلى بكجور (٦) صاحب حمص ، ويرجع إلى مصر ، لاحتياج الملقب بالعزيز إليه حين اضطراب عليه جنده من المغاربة ، فاحتاج إلى جند من المشارقة يقهر به المغاربة ، وذلك في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.
__________________
[١٠١٦٣] ترجمته في تحفة ذوي الألباب ٢ / ٧ وأمراء دمشق ص ١١٥ وذيل ابن القلانسي ص ٢٨ وسماه «بلتكين» وتاريخ يحيى بن سعيد الأنطاكي ص ١٦٣ وسماه «تلتكين».
(١) كذا ، ويقال فيه «ألفتكين» أبو منصور الشرابي التركي ، وقيل فيه : «أفتكين» و «البتكين» وهو من ولاة دمشق ، انظر ترجمته في ذيل ابن القلانسي ص ١١ وتحفة ذوي الألباب ١ / ٣٢ ووفيات الأعيان ٤ / ٥٤.
(٢) تقدمت ترجمته في المستدركات قريبا.
(٣) ذكر ابن القلانسي ص ٢٥ أنه نزل إلى دمشق في ذي الحجة سنة ٣٧٠.
(٤) يعني قسام الحارثي ، وهو من بني الحارث بن كعب من اليمن. انظر ترجمته في تحفة ذوي الألباب ١ / ٣٩٥.
(٥) جيش بن محمد بن صمصامة ، أبو الفتوح القائد ابن أخت أبي محمود الكتامي ترجمته في الوافي بالوفيات ١١ / ٢٣.
(٦) تقدمت ترجمته في (١٠ / ٣٧٥ رقم ٩٤٦) منشوراتنا ، وجاء في تحفة ذوي الألباب ٢ / ٤٢ يك جور.