٢ ـ نشأة البلاغة
٢ ـ ١ ـ [علاقة البلاغة بالقرآن]
قال تعالى في محكم آياته (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ) الشعراء : ١٩٢
فالقرآن معجزة إلهية نزلت (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ) الشعراء : ١٩٥
وجد فيه العرب أسلوبا مغايرا لأساليبهم ، وفصاحة لم يرق إلى مثلها بشر ، وبلاغة لم يوصف بمثلها كلام. تحدّى بلاغة العرب التي كانت موضع فخرهم وزهوهم بقوله تعالى (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) الإسراء : ٨٨
لهذا تمحورت حوله الدراسات لدرس لغته نحوا وصرفا وبلاغة ونقدا ... ورأى الدارسون أن فيه إعجازا يجب التعرّف إلى أصوله ، ومجازا يجب التطرّق إلى حقيقته ، وإيجازا يجب الوقوف على أسراره ؛ فكان هذا البيان الساطع حافزا للدراسات البلاغية التي كان القرآن موضوعها الوحيد. ولم تكن هذه الدراسات مطلبا تعليميا بقدر ما كانت مطلبا دينيا للذود عن حياض الدين وفضح أضاليل خصومه. ولا نغالي ، إن ذهبنا إلى أن القرآن الكريم تسبّب بنشأة علوم البلاغة. وقد نشأت حوله دراسات كثيرة لا حصر لها ولا عدّ. نذكر منها :
٢ ـ ١ ـ ١ ـ مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنّى (ت ٢١٠ ه):
استخدم أبو عبيدة لأول مرة لفظ المجاز. وألّف كتابه هذا سنة ١٨٨ ه وكشف فيه عن معاني الألفاظ في سياقها من القرآن الكريم ،