الصورة الشعرية
مقومّاتها ومكوّناتها بين النقد والبلاغة.
الشعر رسم بالكلمات كما التصوير رسم بالريشة. والكلمات تحمل في طيّاتها المعنى المكشوف كما تومئ اليه تلميحا لا تصريحا ، وتعمل الخيال وتستدعي وسائل الزينة لتجميل المعنى وإظهاره بأبهى حلّة وأجمل شكل. من هنا كان الكلام على الصورة الشعرية أو الصورة الفنّية في البلاغة العربية لأنّ البلاغة لا تعني الوضوح التّام فحسب بل هي جهد لإيصال المعنى بأجمل شكل وأبهى صورة. لهذا قال الرمّاني (١) : «البلاغة : إيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ».
فالصورة عند المحدثين (٢) : «كلّ حيلة لغوية يراد بها المعنى البعيد ـ لا القريب ـ للألفاظ ، أو يغير فيها الترتيب العادي لكلمات الجملة او لحروف الكلمة ، أو يحلّ فيها معنى مجازي محلّ معنى حقيقي ، أو يثار فيها خيال السامع بالتكنية عن معان يستلزمها المعنى المألوف للفظ ، أو ترتّب فيها الألفاظ ، او يعاد ترتيبها لتحسين أسلوب الكلام او زيادة تأثيره في نفس القارئ او السامع».
واضح من هذا التعريف أن الصورة الفنيّة مطلوبة في علوم البلاغة جميعها (البديع والبيان والمعاني) ، وأنّ الفن يقضي بتقديم المعاني في حلّة أنيقة من الألفاظ والتراكيب تخفّ فيها المباشرة وتتنامى قوّة التّخييل والإيحاء. لهذا أجلّ النقّاد الصورة لأنها (٣) : «كيان يتعالى على التاريخ».
__________________
(١). النكت في إعجاز القرآن ، الرمّاني ، ص ٧٥ ـ ٧٦.
(٢). معجم المصطلحات العربية في اللغة والادب ، وهبة ـ المهندس ، ص ١٢٧.
(٣). الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي ، الولي محمّد ، ص ٧.