علاوة على أن الأدب آلته اللغة فإذا كانت اللغة ركيكة ذهب رونق الأدب.
وذهب ابن خلدون إلى موقف شبيه بموقف ابن الأثير عندما رأى (١) «أن الإعراب لا دخل له في البلاغة ، فالدلالة بحسب ما يصطلح عليه أهل الملكة. فإذا عرف اصطلاح في ملكة ، واشتهر ، صحّت الدلالة. وإذا طابقت تلك الدلالة المقصود ومقتضى الحال صحت البلاغة ولا عبرة بقوانين النحاة».
إن الاستخفاف بقوانين النحاة ، لا يخدم الإبداع بل يعارضه. والقدامى اشترطوا صحّة القياس ليبقى التواصل ولتتأصل الملكة ولأنهم أدركوا أن فشوّ اللحن قد عطّل آلة البلاغة كما عطّل حسن السليقة وتمكّن الملكة.
ونهض من بين المحدثين من يؤكد (٢) «أهمية اتباع نظام موحد في التعامل مع اللغة حفاظا على سلامة النظام اللغوي في أبنيته ومفرداته ، لكن لا ينبغي ـ في الوقت نفسه ـ التعويل دائما على القياس والخضوع المطلق لكل ما يفرضه» وردّنا على هذا لا يختلف كثيرا عن رأينا في ما تقدم من كلام على رأيي ابن الأثير وابن خلدون.
ثانيا ـ فصاحة المركب (فصاحة الكلام):
وضع البلاغيون أربعة شروط لفصاحة الكلام هي :
__________________
(١). مقالة في اللغة الشعرية ، محمد الأسعد ، ص ١٦.
(٢). البحث البلاغي عند العرب ، تأصيل وتقييم ، د. شفيع السيد ، ص ١٣٨ ـ ١٣٩.