٤ ـ مواضع الفصل :
إذا ترادفت الجمل ، ووقع بعضها إثر بعض ربطت بالواو العاطفة لتكون على نسق واحد. ولكن قد يعرض لها ما يوجب ترك الواو فيها إمّا لأن الجملتين متحدّتان صورة ومعنى ، وإمّا لأنّهما بمنزلة المتحدتين ، وإمّا لأنه لا صلة بينهما في الصورة أو في المعنى.
ويقع الفصل في خمسة مواضع هي :
١ ـ " كمال الاتصال".
وهو اتحاد الجملتين اتحادا تاما ، بحيث تكون الجملة الثانية : توكيدا للأولى ، أو لا بد منها ، أو بيانا لها. ومثاله :
ـ قال تعالى : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) الطارق : ١٧.
فالجملة الثانية (أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) توافق الجملة الأولى التي سبقتها لفظا ومعنى ، وهي توكيد لفظي للأولى ، وبذلك صارت الصلة قوية بينهما بحيث لا تحتاجان الى رابط ، لأنّ التوكيد من المؤكد كالشيء الواحد ، لذا ترك العطف لعدم صحّة عطف الشيء على نفسه.
ـ وقال تعالى : (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِما تَعْلَمُونَ* أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ) الشعراء : ١٣٢ ـ ١٣٣.
فالآية الثانية بمنزلة بدل البعض ، لأنّ ما يعلّمونه يشمل ما في الجملة الثانية من النعم الأربع وغيرها من سائر النعم ، ولم يعطف بين الجملتين بالواو لقوّة الربط بينهما.
ـ وقال تعالى : (بَلْ قالُوا مِثْلَ ما قالَ الْأَوَّلُونَ* قالُوا أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) المؤمنون : ٨١ ـ ٨٢.