٣ ـ الأسلوب الخطابي :
عرّفه معجم المصطلحات بقوله (١) : «هو الذي يمتاز بقوة المعاني والألفاظ ورصانة الحجج ، كما يمتاز بالجمال والوضوح وكثرة المترادفات والتكرار».
الخطابة ـ كما قال القدامى ـ فنّ يهدف إلى الإقناع والتأثير. وللوصول إلى الإقناع كان على الخطيب أن يتحلى بقوة المعاني وجزالة الألفاظ ، وبالحجة والبرهان الساطع الذي يسقط دليل المخاطبين ويفضح زيف ادعاءاتهم. فالعقل الخصيب يستنبط الحجج والأدلة والبراهين التي ترسّخ مقولة الخطيب وتقنع المخاطبين بوجهة نظره.
ولأن الخطبة تلقى في حفل فإن أمورا شكلية تتدخل لإنجاحها. فنبرات صوت الخطيب وحسن إلقائه ، ومحكم إشاراته ، عناصر مساعدة على أداء خطابي ناجح. كما يعمد الخطيب إلى التكرار الذي يقتضيه المقام. فالمخاطبون قد يتخلفون عن تتبّع أفكار الخطيب فيلجأ إلى التكرار اللفظي أو المعنوي ليثبت الفكرة في عقولهم. هذا التكرار مستحبّ في الخطبة شريطة أن يراعى مستوى المخاطبين الفكري والثقافي ، ولهذا نرى الخطيب الناجح لا يميت الطاقة الإيحائية الكامنة في الألفاظ المكررة بل يلجأ إلى المرادفات ويتقرّب من مخاطبيه بضرب الأمثال والابتعاد عن الرّتابة المملة بتمويج العبارة بين الخبر والإنشاء والتنقل بين التقرير والاستفهام والتعجب والاستنكار. وكثيرا ما يلجأ الخطيب إلى الطباق الموظف توظيفا حسنا ليبين الفرق بين حال قائمة وحال زائلة ، بين ما هو كائن ، وبين ما هو واجب أن يكون. وكذلك المقابلة التي تقوم على تعدد الطباقات التي تخاطب العقول والقلوب وتؤثر في الحواس وتأسر الأسماع. وفي الأسلوب الخطابي
__________________
(١). معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب ، وهبة ـ المهندس ، ص ٢٣.