(باب قسمة الأفعال)
(وإن أردت قسمة الأفعال |
|
لينجلي عنك صدا الإشكال |
فهي ثلاث ما لهن رابع |
|
ماض وفعل الأمر والمضارع) |
أي إذا أردت معرفة أقسام مطلق الفعل وتمييز كل قسم عن أخويه لتزول عنك غباوة الاشتباه والالتباس فهي ثلاثة : ماض ومضارع وأمر ، لا رابع لها ، وسيأتي ما يتميز به كل قسم.
وإنما كانت الأفعال ثلاثة (لأن الأزمنة كذلك) إذ الفعل إما متقدم عن زمن الإخبار أو مقارن له أو متأخر عنه. فالأول : الماضي ، والثاني : الحال ، والثالث : الاستقبال. وما ذهب إليه الناظم من أن الفعل ثلاثة أقسام هو مذهب البصريين. وذهب الكوفيون إلى أنه قسمان بإسقاط الأمر بناء على أنه مقتطع من المضارع إذ أصل أفعل لتفعل كأمر الغائب ، لكن لما كان أمر المخاطب أكبر على ألسنتهم استثقلوا مجيء اللام فيه فحذفوها مع حرف المضارعة طلبا للتخفيف مع كثرة الاستعمال فهو عندهم معرب وانتصر لهم ابن هشام في «المغني». والراجح ما في النظم.
ولما فرغ من تقسيم الفعل شرع في بيان ما يتميز به كل قسم عن أخويه وبدأ بالماضي لأنه جاء على الأصل إذ هو متفق على بنائه ، فقال :
______________________________________________________
(فكل ما يصلح فيه أمس |
|
فإنه (ماض) بغير لبس) |
(قوله : لأن الأزمنة كذلك) ويدل على ذلك قوله تعالى : (لَهُ ما بَيْنَ أَيْدِينا وَما خَلْفَنا وَما بَيْنَ ذلِكَ)(١). وقول الشاعر :
وأعلم ما في اليوم والأمس قبله |
|
ولكنني عن علم ما في غد عمي ا ه |
(قوله : ماض) أي لفظ يوصف بذلك فخرج لفظ ماض لأنه اسم وسمي بذلك
__________________
(١) سورة مريم ، الآية ٦٤.