الناظم خلافه لتعبيره بالأولى سواء كانا مقصورين نحو : كلم موسى يعلى ، أم اسمي إشارة نحو : ضرب هذا ذاك ، أم موصولين نحو : ضرب من في الدار من على الباب ، أم مضافين إلى ياء المتكلم نحو : ضرب غلامي صديقي. ولا يجوز في مثل هذه تقديم المفعول أيضا على العامل خوف الالتباس بالمبتدأ فإن وجدت قرينة لفظية نحو : ضربت عيسى سعدى ، أو معنوية نحو : أكل الكمثري موسى ، لم يجب التأخير.
واعلم أن الناصب للمفعول به إما فعل متعد كما مر أو صفة نحو : (إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ)(١) ، أو مصدر نحو : (وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ)(٢) ، أو اسم فعل نحو : (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ)(٣) ولما كان المفعول به ينصبه المتعدي أشار إليه مع التعريض إلى أن مطلق الفعل ينقسم إلى متعدّ ولازم بقوله :
(وكل فعل متعد ينصب |
|
مفعوله مثل سقى ويشرب) |
الفعل المتعدي هو ما يتجاوز الفاعل بنفسه إلى المفعول به فينصبه.
واللازم بخلافه. ومراد الناظم رحمهالله تعالى أن كل فعل ينصب المفعول به فهو متعد ، ففي عبارته قلب وإذ قصد تعدي اللازم إليه عدّي بحرف الجر أو الهمزة أو التضعيف. ومن النحاة من يثبت الواسطة فيجعل كان وكاد وأخواتهما لا توصف بلزوم ولا تعدّ ومنهم من يثبت قسما رابعا يوصف باللزوم والتعدي معا لاستعماله بالوجهين كشكر ونصح. فإنه يقول : شكرته وشكرت له ، ونصحته ونصحت له ، زاعما أنه لما تساوى فيه الاستعمالان صار قسما برأسه.
واعلم أن المتعدي على ثلاثة أقسام : متعد إلى واحد نحو : شرب زيد لبنا. ومتعد إلى اثنين نحو : سقى بكر خالدا سمنا. ومتعد إلى ثلاثة نحو : أعلمت زيدا عمرا فاضلا. والمتعدي إلى اثنين قد يكون الثاني منهما غير الأول كما مثلنا وقد يكون هو الأول في المعنى وهذا معقود له باب «ظننت وأخواتها» وإليه أشار بقوله :
__________________
(١) سورة الطلاق ، الآية ٣.
(٢) سورة البقرة ، الآية ٢٥١.
(٣) سورة المائدة ، الآية ١٠٥.