٢ ـ ما يفيد زيادة في المعنى فحسب نحو : بل الله فاعبد وكن من الشاكرين ، فتقديم المفعول في هذا لتخصيصه بالعبادة دون سواه ، ولو أخر لم يفد الكلام ذلك.
٣ ـ ما يتكافأ فيه التقديم والتأخير ، وليس لهذا الضرب شيء من الملاحة ، نحو :
وكانت يدي ملأى به ثم أصبحت |
|
(بحمد إلهي) وهي منه سليب (١) |
فتقديره : ثم أصبحت وهي منه سليب بحمد الله.
٤ ـ ما يختل به المعنى ويضطرب ، وذلك هو التعقيد اللفظي ، أو المعاظلة التي تقدمت كتقديم الصفة على الموصوف ، والصلة على الموصول ، ونحو ذلك ، كقول الفرزدق :
إلى ملك ما أمه من محارب |
|
أبوه ولا كانت كليب تصاهره |
إذ تقديره الى ملك أبوه ما أمه من محارب ، أي ما أم أبيه منهم ، ولا شك أن هذا لا يفهم من كلامه للنظرة الأولى ، بل يحتاج الى تأمل ورفق حتى يفهم المراد منه.
المبحث الثاني في تقديم المسند اليه
يقدم المسند اليه لأغراض ، منها :
١ ـ أنه الأصل إذ هو المحكوم عليه ولا مقتضى للعدول عنه ، نحو : العدل أساس الملك.
٢ ـ ليتمكن الخبر في ذهن السامع ، لأن في المبتدأ تشويقا اليه كقوله تعالى :
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ)(٢) ، وقول أبي العلاء :
والذي حارت البرية فيه |
|
حيوان مستحدث من جماد |
يريد أن الخلائق تحيرت في المعاد الجسماني ، كما يرشد الى ذلك ما قبله :
بأن أمر الإله واختلف الناس |
|
فداع الى ضلال وهادي |
فإتيانه بالمسند اليه على تلك الشاكلة موصوفا بحيرة البريّة فيه ، يستدعي تشوق السامع الى أن يعرف ما حكم به عليه ، فإذا جاء الخبر تمكن في النفس لما تقدمه من التوطئة له.
__________________
(١) سليب بمعنى مسلوب ، أي منتزع مأخوذ.
(٢) سورة الحجرات الآية ١٣.