المبحث الرابع في تعريف المسند إليه باسم الاشارة
يؤتى بالمسند إليه اسم إشارة لأغراض كثيرة يلاحظ البلغاء منها :
١ ـ تعين اسم الإشارة طريقا الى إحضار المشار إليه بعينه في ذهن السامع بأن يكون حاضرا محسوسا ، والمتكلم والسامع لا يعرفان اسمه الخاص ولا معينا آخر.
٢ ـ تمييزه أكمل تمييز لإحضاره في ذهن السامع بواسطة الإشارة الحسية ، كأن يكون المقام للمدح فيكون أعون على كماله ، وعليه قول الحطيئة :
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنى |
|
وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدوا (١) |
٣ ـ التعريض بغباوة السامع حتى كأن الأشياء لا تتميز لديه إلا بالإشارة الحسية ، كقول الفرزدق يهجو جريرا ويفخر بآبائه :
أولئك آبائي فجئني بمثلهم |
|
إذا جمعتنا يا جرير المجامع (٢) |
٤ ـ قصد تحقيره بالقرب ، نحو : (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ)(٣) ، ومنه في غير المسند إليه : (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً)(٤).
٥ ـ قصد تعظيمه بالقرب نحو : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ)(٥) وذلك كثير في التنزيل.
٦ ـ قصد تحقيره بالبعد نحو : (فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ)(٦).
٧ ـ قصد تعظيمه بالبعد نحو : (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ)(٧) من حيث لم تقل : فهذا ، وهو حاضر رفعا لمنزلته في الحسن وتمهيدا لعذر الإفتتان به.
__________________
(١) البنى جمع بنية كرشوة ورشى.
(٢) يظهر ان نكتة التعبير باسم الاشارة التعظيم أو تمييزهم.
(٣) حكاية لقول المشركين حينما كانوا يستهزءون به (وردت في سورة الأنبياء).
(٤) سورة البقرة الآية ٢٦.
(٥) سورة الإسراء الآية ٩.
(٦) يدع : يقهر (الماعون).
(٧) سورة يوسف الآية ٣٢.