هذا وقد علم بالاستقراء أن أحسن موقع تستعمل فيه إنما اذا كان الغرض منها التعريض بأمر هو مقتضى معنى الكلام بعدها نحو : إنما يتذكر أولوا الألباب ، فإنه تعريض بذم الكافرين من حيث أنهم من فرط العناد وغلبة الهوى عليهم في حكم من ليس بذي عقل فأنتم في طمعكم منهم أن ينظروا ويتذكروا كمن طمع في ذلك من غير أولي الألباب ، ونظيره : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها)(١) إذ المراد أن من لم تكن له من هذه الخشية ، فكأنه ليس له أذن تسمع ، ولا قلب يعقل ، فالإنذار وعدمه سيان. وعلى ذلك جاء قوله :
أنا لم أرزق محبتها |
|
إنما للعبد ما رزقا |
فهذا تعريض بأنه لا مطمع له في وصلها فهو يائس منه.
(٦) لأنما مزية على العطف ، وهي أن يعقل منها إثبات الفعل للشيء ونفيه عن غيره دفعة واحدة بخلاف العطف ، فإنه يفهم منه أولا الاثبات ثم النفي ، نحو : محمد قائم لا قاعد ، أو بالعكس نحو : ما محمد قائما بل قاعد.
المبحث الثالث في تقسيمه باعتبار الواقع والحقيقة (٢)
ينقسم القصر باعتبار الواقع والحقيقة الى قسمين : حقيقي وإضافي :
__________________
(١) سورة النازعات الآية ٤٥.
(٢) لم يذكر هذا التقسيم صاحب «المفتاح» لقلة جدواه.