الباب الثاني عشر في الايجاز والاطناب والمساواة
وفيه خمسة مباحث
المبحث الأول في دقة مسلكها واختلاف الأئمة في تعريفها
هذا الباب أساس في بنيان الفصاحة وركن ركين في تكوين ملكة البلاغة ، حتى نقل صاحب «سر الفصاحة» عن بعضهم أنه قال : «البلاغة هي الإيجاز والاطناب».
واعلم أن علماء البيان افترقوا فرقتين : فرقة منهم ثبت واسطة بين الإيجاز والاطناب هي المساواة ، وعليها درج السكاكي ومن تبعه وقالوا إنها ليست محمودة ولا مذمومة ، وفرقة منها ابن الأثير في جماعة ذهبوا الى نفي الواسطة ، ومن ثم قسموا إيجاز غير الحذف قسمين : إيجاز تقدير وهو ما ساوى لفظه معناه من غير زيادة وهذه هي المساواة على الرأي الأول ، وإيجاز قصر وهو ما يزيد معناه على لفظه.
ومن هذا تعلم أن الخلاف بينهم في الاسم ، لا في المسمى ، والطريقة الأولى أشهر بين أئمة الفن ، ولذا قد جرينا عليها.
المبحث الثاني في الايجاز
الإيجاز لغة التقصير ، يقال : أوجز في كلامه ، اذا قصره ، وكلام وجيز أي قصير.
وفي الإصطلاح اندراج المعاني المتكاثرة تحت اللفظ القليل ، أو هو التعبير عن المقصود بلفظ أقل من المتعارف (١) واف بالمراد لفائدة (٢).
__________________
(١) أي متعارف أوساط الناس على ما سيأتي في المساواة.
(٢) والفائدة كون المأتى به هو المطابق للحال ولا مقتضى للعدول عنه.