وقوله عليهالسلام : «الحلال بيّن والحرام بيّن وبين ذلك مشتبهات .. إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى .. الضعيف أمير الركب».
وقول علي كرم الله وجهه : عليكم بطاعة من لا تعذرون بجهالته ، قد بصرتم إن أبصرتم وهديتم إن اهتديتم.
المبحث الرابع في الاطناب
هو لغة مصدر أطنب في كلامه اذا بالغ فيه وطول ذيوله ، واصطلاحا زيادة اللفظ على المعنى لفائدة ، فخرج بذكر الفائدة التطويل والحشو ، والفرق بينهما أن الزائدة إن كان غير متعين كان تطويلا ، وإن كان متعينا كان حشوا ، وكلاهما بمعزل عن مراتب البلاغة ، فالأول نحو :
ألا حبذا هند وأرض بها هند |
|
وهند أتى من دونها النأي والبعد |
فالنأي والبعد واحد ، ولا يتعين أحدهما للزيادة.
والثاني ضربان :
(أ) ما يفسد به المعنى كقول أبي الطيب في رثاء غلام لسيف الدولة :
ولا فضل فيها للشجاعة والندى |
|
وصبر الفتى لو لا لقاه شعوب |
يريد أنه لا خير في الدنيا للشجاعة الصبر لو لا الموت ، وهذا حسن جميل ، لأنهما إنما عدا من الفضائل لما فيهما من الاقدام على الموت واحتمال المكاره ، ولو علم الإنسان أنه خالد في الدنيا لهان عليه اقتحام المخاطر ، كما أنه لو أيقن بزوال المكروه صبر لوثوقه بالخلاص ، أما الندى فعلى العكس من ذلك لأن الموت يجعل البذل سهلا إذ من علم أنه ميت فهو جدير أن يجود بماله ، كما قال طرفة :
فإن كنت لا تستطيع دفع منيتي |
|
فذرني أبادرها بما ملكت يدي |
فهو حشد مفسد ، وقد اعتذر له بعض الناس بما فيه تكلف وتعسف.
(ب) ما لا يفسد به كقول أبي العيال الهذلي :
ذكرت أخي فعاودني |
|
صداع الرأس والوصب (١) |
فذكر الرأس مع الصداع حشو ، لأنه لا يكون في غيره من الأعضاء.
__________________
(١) الوصب : نحول الجسم ، من تعب ، أو مرض.