٤ ـ الرمز الى حقائق المعاني كقولهم : سافر ولا ظهر (١) له ، وفلان يملك رقبة أي عبدا.
وهاك مثلا يبين لك اتساع اللغة بالمجاز ، ذلك أن مادة كف أصلها الكف ، وهو الجارحة ، ثم تصرفوا فيها واستعملوها على أنحاء شتى مجازا ، فقالوا :
كفه عن الأمر ، اذا منعه ، كأنه دفعه بكفه من استعمال اللفظ في لازمه مجازا مرسلا ، وكف هو عن الأمر اذا امتنع وهو من وادي سابقه ، واستكف السائل وتكفف اذا طلب بكفه ، واستكف بالصدقة اذا مد يده بها لتعطيه إياها ، وكفه الميزان لشبهها بالكف في الشكل ، والكفة النقرة المستديرة ، يجتمع فيها الماء ، واستكفوا حوله اذا أحاطوا به ينظرون اليه ، الى نحو هذه المعاني التي ترجع كلها إلى معنى الكف.
فالمجاز إذا غذاء اللغة والروح الذي لا تحيا بدونه ، ولا قوام لها إلا به ، ولولاه ما كنا نرى فيها البهجة والجمال اللذين يتذوقهما كل ناطق بالضاد.
(واضعه) أول من دوّن مسائل هذا العلم أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتابه «مجاز القرآن» ، وتبعه الجاحظ ، وابن المعتز ، وقدامة بن جعفر ، وأبو هلال العسكري ، وما زال يشدو شيئا فشيئا حتى جاء الإمام عبد القاهر فأحكم أساسه وشيد بناءه.
الدلالة
علمت مما سبق أن فائدة هذا العلم إبراز المعنى بطرق مختلفة في وضوح الدلالة فناسب تعريف الدلالة وبيان أقسامها ، فنقول :
الدلالة فهم أمر من أمر ، والأول المدلول ، والثاني الدال ، وهي : إما لفظية وإما غير لفظية.
والثانية لا علاقة لها بمباحث هذا الفن .. والأولى أقسام ثلاثة :
١ ـ دلالة اللفظ على تمام مسماه وتسمى دلالة المطابقة : كدلالة الإنسان والأسد على حقيقتيهما.
__________________
(١) أي لا دابة له يركب ظهرها.