أو لنحو قوله :
ظللنا عند باب أبي نعيم |
|
بيوم مثل سالفة الذباب (١) |
٢ ـ ما يحصل لها من الانس بإخراجها مما لم تألفه ، الى ما هي به آلف ، فإذا كنت أنت وصاحب لك يسعى في أمر على شاطىء نهر وأردت أن تقرر له أنه لا يحصل من سعيه على فائدة ، فأدخلت يدك في الماء ثم قلت له : انظر ، هل حصل في كفي شيء من الماء ، فكذلك أنت في أمرك ـ كان لذلك تأثير في النفس وتمكين للمعنى في القلب يزيد على القول المرسل إرسالا.
٣ ـ ما يحصل لها بالانتقال مما تعلمه الى ما هي به ، فإنك ترى الفرق بينها وبين أن تقول : الدنيا لا تدوم ، ثم تسكت ، وبين أن تذكر عقب ذلك قوله عليهالسلام : «من في الدنيا ضيف ، وما في يده عارية ، والضيف مرتحل ، والعارية مؤداة» ، أو تنشد قول لبيد :
وما المال والأهلون إلا وديعة |
|
ولا بد يوما أن ترد الودائع |
المبحث الثاني في الطرفين
ينقسم الطرفان الى حسيين وعقليين ومختلفين ، وإلى مفردين ومركبين ومختلفين ، فالحسيان ما يدركان هما أو مادتهما أي أجزاؤهما بإحدى الحواس الخمس الظاهرة ، وبهذا التفسير دخل في الحسي شيئان :
ما كان للطرفان فيه مشتركين ، إما : في صفة مبصرة كتشبيه الحور الحسان بالياقوت والمرجان في قوله تعالى : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ)(٢).
وقول عنترة يصف غدرانا :
جادت عليها كل عين ثرة |
|
فتركن كل قرارة كالدرهم (٣) |
أو في صفة مسموعة كتشبيه الصوت الحسن بالموسيقى ، والأسلحة في وقعها بالصواعق ، والأصوات غير المفهومة بأصوات الفراريج ، في قول عياش بن سلمة يذم بني دالان :
__________________
(١) السالفة صفحة العنق ، وأراد هنا العنق كله.
(٢) سورة الرحمن الآية ٥٨.
(٣) الثرة كالثرثارة النويرة الماء ، والقرارة الحفرة ، والعين مطر أيام لا تقلع.