والمفصل ما ذكر (١) فيه وجه الشبه أو ذكر فيه مكان الوجه أمر يستلزمه فالأول نحو :
يا هلالا يدعي أبوه هلالا |
|
جل باريك في الورى وتعالى |
أنت بدر حسنا وشمس علوا |
|
وحسام حزما وبحر نوالا |
والثاني كقولهم للألفاظ إذا وجدوها لا تثقل على اللسان ولا تبعد دلالتها على معانيها ، وهي كالعسل حلاوة ، وكالماء سلاسة ، وكالنسيم رقة.
والجامع في الحقيقة لازم الحلاوة ، وهو ميل الطبع ولازم السلاسة والرقة ، وهو نشاط النفس وانتعاشها.
المبحث الثامن في تفسير التشبيه
باعتبار الوجه الى قريب مبتذل وبعيد غريب
فالقريب المبتذل هو ما ينتقل فيه المشبه الى المشبه به من غير تدقيق لظهور وجه الشبه بادىء ذي بدء ، فيسهل تداوله بين العامة والخاصة ، كما اذا نظرت الى السيف الصقيل عند سله وبريق لمعانه ، لم يتباعد عنك أن تذكر لمعان البرق.
وسبب ظهوره أحد أمرين :
١ ـ كونه أمرا جمليا لا تفصيل فيه ، فإن الجملة أسبق الى النفس من التفصيل إذ الرؤية تصل الى الوصف أولا على الجملة ثم يتلوها التفصيل ، ألا ترى أن السمع يدرك من تفاصيل الصوت ، والذوق يدرك من تفاصيل المذوق في المرة الثانية ما لا يدركه في المرة الأولى.
٢ ـ كونه (٢) قليل التفصيل مع غلبة حضور المشبه به في الذهن ، إما مطلقا لتكرره على الحس ، كما تقدم من تشبيه الشمس بالمرآة المجلوة ، وإما عند حضور المشبه ، لقرب المناسبة ، كما تشبه الضبة الكبيرة السوداء بالإجاصة في الشكل والمقدار ، والجرة الصغيرة بالكوز.
__________________
(١) على جهة التمييز أو الجر بفي.
(٢) أي ليس جمليا ، بل فيه تفصيل ، لكنه قليل.