وقد ينوب عن الأداة ويغني عنها فعل من أفعال اليقين (١) أو الرجحان كعلم وظن وحسب ، ويكون منبئا عن حال التشبيه في القرب أو البعد ، ولا يعتبر أداة ، بل الأداة محذوفة ، كقوله :
قوم إذا لبسوا الدروع حسبتها |
|
سجا مزردة على أقمار (٢) |
المبحث العاشر في تقسيم التشبيه باعتبار الأداة
ينقسم التشبيه باعتباره الأداة إلى :
١ ـ مؤكد ، وهو ما حذفت أداته ، نحو : وهي تمر مر السحاب. وقوله :
هم البحور عطاء حين تسألهم |
|
وفي اللقاء اذا تلقاهم بهم (٣) |
ومنه ما أضيف المشبه به الى المشبه ، كقوله :
فاضمم مصابيح آراء الرجال إلى |
|
مصباح رأيك تزده ضوء مصبح |
٢ ـ مرسل ، وهو ما ذكرت فيه الأداة ، نحو :
كأن عيون النرجس الغض حولنا |
|
مداهن درّ حشوهن عقيق |
التشبيه البليغ (٤)
هو ما ذكر فيه الطرفان فقط وحذف منه الوجه والأداة ، وسبب تسميته بذلك أن حذف الوجه والأداة يوهم اتحاد الطرفين وعدم تفاضلهما فيعلو المشبه إلى مستوى المشبه به ، وهذه هي المبالغة في قوة التشبيه ، أما ذكر الأداة فيفيد ضعف المشبه وعدم إلحاقه بالمشبه به ، كما أن ذكر الوجه يفيد تقييد التشبيه وحصره في جهة واحدة.
ومن أمثلته ما يأتي :
__________________
(١) إذ ادعى فيه كمال المشابهة وألفاظ الرجحان ان بعد التشبيه ، لما في الحسبان ونحوه من عدم التيقن.
(٢) الدرع ثوب ينسج من زرد الحديد يلبس في الحرب للوقاية ، والسحب : جمع سحابة ، والمزردة المنسوجة.
(٣) البهم : جمع بهمة ، وهو الشجاع الذي يستبهم على أقرانه مأتاه.
(٤) هذه طريقة لبعضهم ، وتقدم أن بعضهم يسمي التشبيه البعيد الغريب بالبليغ.