المبحث الثاني عشر في أقسام التشبيه باعتبار الغرض
ينقسم التشبيه باعتبار الغرض الى : حسن وقبيح ، أو : مقبول ومردود :
١ ـ فالحسن هو الوافي (١) بإفادة الغرض المطلوب منه ، وذلك هو النمط الذي تسمو اليه نفوس البلغاء ، كقول امرىء القيس يصف فرسا :
على الذبل جياش كأن اهتزامه |
|
إذا جاش فيه حمية غلى مرجل (٢) |
وقول ابن نباتة في وصف فرس أغر أبلق :
وكأنما لطم الصباح جبينه |
|
فاقتص منه فخاض في أحشائه |
وقول الآخر :
نشرت إلي غدائرا من شعرها |
|
حذر الكواشح والعد والموبق |
فكأنني وكأنها وكأنه |
|
صبحان باتا تحت ليل مطبق (٣) |
٢ ـ والقبيح هو ما لم يف بالغرض لعدم وجود وجه شبه بين المشبه والمشبه به ، أو مع وجوده ، لكن على بعد ، وما أحق مثل هذا بالاستكراه والذم ، وأي شيء أولى بنفور الطبع السليم منه ، وذلك كقول أبي نواس يصف الخمر :
وإذا ما الماء واقعها |
|
أظهرت شكلا من الغزل |
لؤلؤات ينحدرن بها |
|
كانحدار الذر من جبل |
فهذا تشبيه بعيد ركيك ، غث اللفظ بشعه ، فهو قد شبه الحبب بنمل صغار ينحدر من جبل ، وشبيه به قول الفرزدق :
يمشون في حلق الحديد كما مشت |
|
جرب الجمال بها الكحيل المشعل (٤) |
__________________
(١) وذلك بأن يكون المشبه به أعرف بوجه الشبه اذا كان الغرض بيان حال المشبه أو مقدار الحال ، أو أتم شيء فيه اذا قصد إلحاق الناقص بالكامل ، أو مسلم الحكم معروفا عند المخاطب اذا كان الغرض بيان إمكان الوجود.
(٢) الذبل والذبول : الضمور وقلة اللحم ، والاهتزام : التكسر ، والحمى : حرارة القيظ ، والمرجل : القدر.
(٣) الكاشح الذي يضمر العداوة ، والموبق المهلك.
(٤) الكحيل : القطران ، تطلى به الابل ، والمشعل : الكثير.