إذ هو لا يعتقد ذلك ، وإنما يعتقد أن الأفعال الاختيارية مخلوقة بكسب العبد واختياره.
٣ ـ ما يطابق الاعتقاد دون الواقع كقول الطبعي ، المنكر لوجود الإله : شفى الطبيب المريض ، وعليه قوله تعالى ، حكاية عن بعض الكفار : (وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ)(١).
٤ ـ ما لا يطابق شيئا منهما كالأقوال الكاذبة التي يكون المتكلم عالما بحالها دون المخاطب ، كما تقول : سافر محمد ، وأنت تعلم أنه لم يسافر ، فلو علمه المخاطب كما علمه المتكلم لما تعين كونه حقيقة لجواز (٢) أن يجعل المتكلم علم السامع بأنه لم يسافر قرينة على عدم إرادة ظاهرة ، فلا يكون إسنادا الى ما هو له عند المتكلم في الظاهر.
المبحث الثالث في تعريف المجاز وأقسامه
المجاز مفعل واشتقاقه من الجواز وهو التعدي من قولهم : جزت موضع كذا ، اذا تعديته ، سمي به المجاز الآتي بيانه لأنهم جازوا به موضعه الأصلي ، أو جاز هو مكانه الذي وضع فيه أولا.
وفي الاصطلاح قسمان : مجاز عقلي ، ولغوي ، والأول سنتكلم عنه بعد ، والثاني ضربان : مفرد ومركب ، فالمركب سيأتي بيانه.
والمفرد هو الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له في اصطلاح التخاطب لملاحظة علاقة (٣) بين الثاني والأول مع قرينة (٤) تمنع إرادة المعنى الأصلي ، كالأسد المستعمل في الشجاع ، والغيث المستعمل في النبات ، فخرج بقولنا : الكلمة المستعملة الكلمة قبل الاستعمال ، فلا هي حقيقة ولا مجاز ، وبقولنا :
__________________
(١) سورة الجاثية الآية ٢٤.
(٢) فيكون مجازا عقليا إن كان الاسناد الى محمد لملابسة كأن كان محمد سببا في سفر المسافر حقيقة ، أو يكون حقيقة كاذبة إذا كان المتكلم لم يجعل علم السامع قرينة على أنه لم يرد ظاهره.
(٣) هي بفتح العين على الأفصح ، وسميت كذلك لأن بها يتعلق ويرتبط المعنى الثاني بالمعنى الأول.
(٤) هي ما يفصح عن المراد من اللفظ وسيأتي أنها تارة تكون لفظا وتارة تكون غيره.