(تنبيه) الفرق بين الاستعارة والكذب من وجهين :
(أ) بناء الدعوى فيها على التأويل ، أي تأويل دخول المشبه في جنس المشبه به.
(ب) نصب القرينة على أن المراد بها خلاف ظاهرها ، أما الكاذب فيتبرأ من التأويل ، ويركب كل صعب وذلول لترويج ما يدعيه وإيهام أن ليس الحق إلا ما يقول ولا ينصب دليلا على خلاف ما يزعم ، وعلى هذا فليس ببدع أن تقع في كلام الله تعالى وكلام رسوله.
المبحث السابع في قرينة الاستعارة
الاستعارة نوع من المجاز ، فلا بد لها من قرينة تفصح عن الغرض ، وترشد الى المقصود ، ويمتنع معها إجراء الكلام على حقيقته ، وهي قسمان :
١ ـ حالية ، تفهم من سياق الحديث ، نحو : رأيت قسا يخطب.
٢ ـ مقالية ، سواء أكانت معنى (١) واحدا ، نحو : يرمي بالسهام ، من قولك : لرأيت أسدا يرمي بالسهام ، أو أكثر ، نحو :
فإن تعافوا العدل والإيمانا |
|
فإن في إيماننا نيرانا (٢) |
فكل من العدل والإيمان باعتبار تعلق الإعاقة به قرينة على أن الغرض من النيران السيوف ، إذ هو دليل على أن جواب الشرط محذوف ، يقدر بنحو :
تحاربون أو تلجئون الى الطاعة.
أو معاني ملتئمة ، مربوطا بعضها ببعض ، بحيث تكون كلها قرينة ، لا كل واحد منها ، كما في قول البحتري :
وصاعقة من نصله تنكفي بها |
|
على أرؤوس الأقران خمس سحائب |
فإذا نظرت الى ما صنع رأيته قد استعار السحائب الخمس لأنامل يمين الممدوح
__________________
(١) سواء أكان من ملائمات المشبه كما في التصريحية ، أم من ملائمات المشبه به ، كما في المكتبة.
(٢) المعنى أنكم إن كرهتم العدل والانصاف وملتم الى الجور والخلاف فان في أيدينا سيوفا تلمع كشعل النيران نلجئكم بها الى الطاعة.