ومنها أيضا استعارة اسم الموجود للمعدوم الذي بقيت آثاره الجميلة أو المعدوم أو لا شيء للموجود ، اذا لم تنتج منه فائدة ، ولم يحل منه بطائل من قبل أنه شارك المعدوم في عدم غنائه ونفعه كما قال أبو تمام :
هب من له يريد حجابه |
|
ما بال لا شيء عليه حجاب |
المبحث التاسع في انقسامها باعتبار الجامع الى داخل وخارج
تنقسم الاستعارة باعتبار الجامع وهو الوجه الذي يقصد اشتراك الطرفين فيه الى قسمين :
١ ـ ما يكون الجامع فيها داخلا في مفهوم الطرفين كاستعارة النثر لإسقاط المنهزمين وتفريقهم في قول أبي الطيب :
نثرتهم فوق الأحيدب نثرة |
|
كما نثرت فوق العروس الدراهم (١) |
إذ النثر أن تجمع أشياه في كف أو وعاء ، ثم يقع فعل تتفرق معه دفعة من غير ترتيب ولا نظام ، وقد استعاره لما يتضمنه ذلك التفرق على الوجه المخصوص وهو ما اتفق من تساقط المنهزمين في الحرب دفعة بلا ترتيب ولا نظام ، ونسبه الى الممدوح لأنه سببه.
٢ ـ ما لا يكون داخلا في مفهومها ، كقولك : وردت بحرا يتهلل وجهه ، وأنت تريد إنسانا جوادا ، فالجامع ، وهو الجود ، غير داخل في مفهومها.
المبحث العاشر في انقسامها باعتبار الجامع أيضا الى عامية وخاصية
تنقسم الاستعارة باعتبار الجامع الى :
١ ـ عامية مبتذلة لاكتها الألسن لظهور الجامع فيها ، كقولك : رأيت شمسا ووردت بحرا ، وأنت تعني إنسانا جميل المحيا وجوادا كريما.
٢ ـ خاصية غريبة وهي التي لا يظفر بها إلا من ارتفع عن طبقة العامة ، كقول طفيل الغنوي :
وجعلت كوري فوق ناجية |
|
يقتات شحم سنامها الرحل (٢) |
__________________
(١) الأحيدب : جبل.
(٢) الكور : الرحل ، والناجية : الناقة السريعة ، تنجو براكبها.