المبحث الرابع عشر في تقسيم الاستعارة التصريحية لدى السكاكي
الى تحقيقية وتخييلية ومحتملة لهما
تنقسم الاستعارة المصرحة عند السكاكي الى ثلاثة أقسام :
١ ـ تحقيقية ، وهي ما كان المستعار له فيها محققا حسا أو عقلا بأن كان اللفظ منقولا الى أمر معلوم يمكن الإشارة اليه إشارة حسية ، أو عقلية ، فالأول كقول زهير في معلقته يمدح حصين بن ضمضم :
لدى أشد شاكي السلاح مقذّف |
|
له لبد أظافره لم تقلم |
والثاني نحو : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)(١) ، فقد استعير في الأول الأسد للرجل الشجاع ، وهو محقق حسا ، وفي الثاني الصراط لملمة الإسلام ، وهي محققة عقلا.
٢ ـ تخييلية ، وهي ما كان المستعار له فيها غير محقق لا حسا ولا عقلا بل هو صورة وهمية محصنة لا يشوبها شيء من التحقيق نحو قول الهذلي :
وإذا المنية أنشبت أظفارها |
|
ألفيت كل تميمة لا تنفع |
فإنه لما شبه المنية بالسبع في الاغتيال أخذ الوهم يصور المنية بصورة السبع ويخترع لوازمه لها فاخترع لها مثل صورة الأظفار ، ثم أطلق على هذه الصورة لفظ الأظفار ، فتكون الأظفار عنده تصريحية تخييلية لأن المستعار له الأظفار صورة وهمية شبيهة بصورة الأظفار الحقيقية ، وقرينتها إضافتها الى المنية ، والتخييلية عنده قد تكون بدون استعارة بالكناية كقولك : أظفار المنية الشبيهة بالسبع قتلت فلانا ، فقد صرح بالتشبيه فلا مكنية في المنية مع كون الاستعارة في الاستعارة تخييلية.
٣ ـ محتملة للتحقيقية والتخييلية كقول زهير :
صحا القلب عن سلمى وأقصر باطلة |
|
وعرى أفراس الصبا ورواحله (٢) |
الصحو خلاف السكر استعارة للسلو استعارة تصريحية تبعية ، وأقصر باطلة
__________________
(١) سورة الفاتحة الآية ٥.
(٢) أقصر عن الشيء امتنع عنه مع القدرة عليه ، وقصر عنه اذا تركه مع القدرة ، والمراد بالاقصار هنا مطلق الامتناع ، وباطل القلب ميله الى الهوى.